توطين اقتصاد الخدمات في المملكة
الخدمات والمعرفة هي عماد الاقتصادات غير الريعية ودولتنا تطمح أن تلحق بركب هذه الاقتصادات وكلنا نأمل هذا.
القوى العاملة السعودية ـــ خاصة الذكور ـــ ما زالت تفتقر إلى مهارات وسلوكيات خدمة العملاء والزبائن والمرضى والركاب بشكل عام. عندما نزور بلادا أخرى فإننا نجد أبناء وبنات البلد يضطلعون بالمهام الإدارية والفنية والخدمية، أما الأجانب والمقيمون فيتولون إما مهام التدريب أو الإشراف أو سد فجوات مهنية أخرى.
وهذا هو المتبع في أغلبية الدول العربية مثل البحرين ومصر ولبنان حيث نجد المواطن هو عماد القطاعات الخدمية، والعكس يحدث في السعودية. من هنا أود الانتقال إلى الفكرة الأساسية:
منذ أعوام أعلنت الدولة نيتها في تحويل اقتصاد المملكة تدريجيا إلى اقتصاد معرفي والتحول تدريجيا من النموذج الريعي، وعليه تضاعف عدد الجامعات والمؤسسات العلمية والإنفاق على الأبحاث نزولا حتى حاضنات المشاريع التقنية الواعدة والمؤسسات الراعية لها.
وهذا التوجه الاستراتيجي يمثل اقتصاد الدولة المستقبلي.
لكن إضافة إلى أن المملكة بحاجة ماسة إلى الاقتصاد فمن الضروري أن تعمل المملكة على تقليص الاعتماد على الأجانب في مختلف القطاعات خاصة الخدمية. هذا التحول يتطلب إعداد جيل كامل من أبناء وبنات الوطن للقيام بهذه المهام وامتلاك المهارات اللازمة لهذا. فعندما يتم فتح قطاع جديد للسعوديين سرعان ما يبدأ التذمر بأنه كان من الأولى إعمال السعودي في الوظائف "العليا" بصرف النظر عن إمكاناته ومؤهلاته، ونجد السلبية والرفض التام لتولي الأعمال الابتدائية وينبري المغردون بنبرة التذمر من الوظائف والمهام المتاحة والمطالبة بإحلال السعودي مكان الأجنبي.
هناك ثلاث نقاط رئيسة:
أولا ـ القطاع الخاص اليوم هو المكلف بإيجاد الوظائف وهو أيضا قطاع ربحي في جوهره لذا لا يمكنه تحمل خسائر متوالية ناتجة عن سوء الأداء وعدم تقبل ضغوط العمل.
ثانيا ـ العمل في الخدمات يحتاج إلى سلوكيات تربوية تشمل التواضع وقبول التوجيه وخفة الحركة وانفتاح الفكر. ومن هنا يأتي دور المنزل، حيث تبنى عاداتنا على أن المرأة تقوم بمهام الخدمة، وهذا يجب أن يتغير فتكون المشاركة لأن الحياة الوظيفية تحتاج إلى المشاركة، وأن يتقبل الشاب مبدأ خدمة الآخرين دون أي تحرج من الصورة الاجتماعية لو قام بهذا العمل.
ثالثا ـ على المدارس أن تزرع هذا السلوك من خلال الدروس والأمثلة والقدوة الحية. أيضا يأتي دور المؤسسات والأعمال بتوجيه الموظفين الجدد لكيفية أداء أدوارهم بتواضع ومهنية وتقبل النقد وتطوير الذات.
شبابنا عمادنا ويمتلكون مواهب ممتازة وينقصهم التدريب والتوجيه السليم، نسأل الله لهم التوفيق والسداد.