تصفح .. واحترس قبل الشراء

لا شك أن التجارة الإلكترونية أحدث نقلة نوعية في تنشيط سوق المنتجات المحلية والتبادل التجاري بين الأفراد والمؤسسات داخل المملكة وخارجها.
وبنظرة شمولية نجد أن المعارض الإلكترونية كانت حلا نموذجيا لطموحات مكبوتة ومشاريع لم يتمكن أصحابها من إطلاقها؛ بسبب جميع المعوقات من غلو الإيجار، إلى التراخيص، إلى العمالة اللازمة، وغيرها. وجاءت التجارة الإلكترونية كحل سحري للمشاريع النسائية خاصة، التي تواجه متطلبات نظامية تفوق التي يواجهها رواد الأعمال في المملكة.
وكنتيجة للتطورات السريعة في القطاع ودعائمه من بنية تحتية في الاتصالات ـــ تتمثل في توافر أجهزة المحمول الذكية smart phone, tablets إلى خدمات الاتصالات والإنترنت المحمول 3G, LTE. Mobile Wifi ـــ وصولا إلى عملية إيصال البضائع التي يقوم بها كثير من أصحاب السيارات في أنحاء المملكة. ووفقا لمجلة "أرابيان بيزنس" الإماراتية سجلت السعودية أكبر نمو شرق أوسطي في التجارة الإلكترونية لعامي 2013 و2014 حيث شهدت ارتفاعا نسبته 67 في المائة للنشاط داخل المملكة و36 في المائة خارج المملكة. من حيث نوع النشاط جاء في المقدمة السفر والحجوزات والتذاكر ثم التبادلات المالية ثم التجزئة.
ويعد هذا نموذجا حياً لقطاع نما بشكل ذاتي مع توافر البنية التحتية اللازمة، وبأقل قدر ممكن من التدخل الحكومي من تشريعات وأنظمة.
في بعض الأحيان أتصفح حسابات "إنستاجرام" الخاصة بالقطاع؛ فأجد أنها مليئة بالأنشطة النسائية، وهذا شيء يبشر بنمو الاقتصاد من خلال التبادل التجاري، وارتفاع عدد المشاريع التي تشبع طموح صاحبات الأفكار والحرف والخبرات.
هذا لا يعني أن هناك أنشطة ثانوية نتجت عن نمو القطاع، لكنها عديمة النفع مجتمعيا مثل خدمات بيع المتابعين، الذين يصلون إلى الملايين في بعض الحسابات. ومن أبرز الحسابات التي يكثر فيها المتابعون حسابات "المكياج" والملابس والإكسسوارات، ورأيت فيها من الظواهر ما هو سلبي تماما ويدعو إلى الاستهلاك اللامتناهي لأغراض لا نحتاج إليها، لكنها تصبح "صرعات" أو موضة للتباهي أمام الآخرين.
فمثلاً حساب يتابعه عدة ملايين معظمهم من السيدات فيسترعي انتباهي الرقم الكبير وأتصفحه لأجد صورا شخصية أو ترويجا لبضاعة تافهة أو إعلانات مكررة وركيكة، ثم نأتي للتعليقات فتجد التراشقات والتنابز والنميمة، وما إلى ذلك كله في شاشة موبايلك!
وقد قمت أكثر من مرة بكتابة رأيي ضد الركض وراء الإعلانات والمنتجات لأنها تؤدي بسهولة إلى إهلاك الميزانية، خاصة لفتيات ليس لديهن مصدر دخل، سوى فئة صغيرة تتمتع بدخل كبير. والرابح الأكبر هو صاحب الحساب، فضغطة "لايك" مقابل سعر والجملة الترويجية لها سعر مختلف وإلصاق صورة المنتج (مهما كان تافها) بسعر أكبر وهكذا.
ما أرمي إليه هو أهمية الوعي الاستهلاكي لدى المشتري وضرورة التروي واقتناء ما نحتاج إليه بالفعل بعد المقارنة النوعية والسعرية؛ فكثير من هذه البضائع يتصف بصناعة ركيكة وأسعار مرتفعة. وفي المقابل يسهل تبادل الخبرات الاستهلاكية عن طريق مشاركة التجربة review على صفحة الحساب مباشرة، حيث يقرؤها المتصفح قبل الشراء.
أتمنى من كل مرتادي السوق الإلكترونية التروي قبل إتمام صفقة شرائية، وعدم الاندفاع لمجرد تقليد الآخرين أو الانضمام إلى عضوات نادي "النخبة" التي تحمل الحقيبة الفلانية أو تسافر إلى المدينة الفلانية، وتلتقط صورة ثم "شير" ثم "لايك" دون الاستمتاع بالتجربة نفسها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي