فتى بني ياس .. سأفتقدك
كثير من الفنيين الكرويين في كرة القدم الإماراتية، يقولون: "الشو لعمر، والشغل من عامر"، الأول هو عمر عبد الرحمن المعروف بـ "عموري"، والثاني شاب هادئ في وسط المنتخب الإماراتي اسمه عامر عبد الرحمن، الأول يلعب لفريق البطولات والنفوذ والسطوة الجماهيرية "العين"، والثاني يلعب لفريق متوسط الحال هو "بني ياس".
الأول يجتذب الكاميرات بلمسه يسراه الساحرة، بشعره الثائر، الثاني يصنع المشهد، يكتب السيناريو ويستمتع بأداء الممثلين، الأول بطل الفيلم، والثاني هو المخرج المدبر لكل العمل، لا تظهره الكاميرات ويوجهه فلاشاتها دائما.
.. قبل كأس الخليج في البحرين التي انتزعها الأبيض الإماراتي بكل جدارة، أمضى عامر موسمه المحلي بين غيابات بسبب الإصابة، وخلافات مع مدرب فريقه، وعندما أعلن مهدي علي قائمة المنتخب الوطني تصدرها اسم عامر، كان القرار مثار استغراب كثيرين في كرة القدم الإماراتية، كيف يمكن لمدرب الفريق الوطني استدعاء لاعب غائب تماما عن المنافسات المحلية، وحده مهدي يعرف قيمة عامر عبد الرحمن، ولم يخيب ظنه، في البحرين كان عامر نصف قوة الإماراتيين، رمانة تربط ظهر الأبيض بصدره، تُوازِن حركته وتمنحه الاستقامة دفاعا وهجوما، ويومها صنع فتى بني ياس هدف الفوز أمام العراق بأقدام إسماعيل الحمادي.
عامر عبد الرحمن لاعب متفرد، ليس من عينة المحاور الذين ينزلقون ويقاتلون ويشاكسون، يلعب بالشوكة والسكين، أنيق، هادئ، لا تخرج الكرة من قدمه للمكان الخطأ أبدا، وإن خرجت في غفلة أصيبت شباك الإمارات.
يقول عامر عبد الرحمن: "أحب أن ألعب مع عموري حتى في التمارين، يفهمني وأفهمه"، هذا واضح جدا، أي كرة يتسلمها يبحث عن عموري، وتدق أجراس الخطر. كل الفرق الكبيرة في الإمارات تريد خدمات عامر، وبني ياس يرفض، يعتقدون في تلك المنطقة القبلية الجميلة بأهلها وثقافتها، أن هذا الرجل هو أيقونة الفريق السماوي، ويكفي أن تظل روحه ترفرف في الأجواء حتى وإن لم يلعب على الدوام، ولذلك تم تجديد عقده قبل عامين بـ 11 مليون درهم في الموسم الواحد، رقم لم يدفعه بني ياس في تاريخه لأي لاعب.
عامر عبد الرحمن، هو اللاعب الأهم في منتخب مهدي علي منذ وضعت لبناته قبل سبعة أعوام، يغيب من يغيب ويحضر من يحضر، غدا سيغيب ماجد حسن جاره في الدائرة، وبديله الفردان موقوف، وسيعود إلى جواره خميس إسماعيل بديلا، ولا أحد يهتم، المهم أن يكون عامر في يومه، وسيكون الأبيض ناصع البياض، وإن سيطر عليه "الأخضريون" ومنعوه من توصيل الكرات لعموري، سيبقى الأخير يتمشى في الملعب كما هي عادته أمام السعوديين وفرقهم دائما.
يؤلمني أن يكون فوزنا على الإمارات في مباراة الغد، ثمنه مغادرة الأشقاء تصفيات المونديال، يؤلمني ألا أشاهد الأنيق عامر عبد الرحمن في الدور الثاني، أحب الإماراتيين كثيرا، لأسباب كثيرة، ولكنها لُعبة.. لُعبة كرة قدم قانونها الدائم فوز وخسارة، وستظل بيننا وبينهم مجرد لعبة، سنفوز على الأبيض غدا، وسأفتقد عامر، وستبقى فرحتي الكبرى بعودة حبيبي الأخضر إلى ربيع أيامه.