الموجة الاقتصادية المقبلة

تصدر لقاء ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على شبكة بلومبيرج العناوين المحلية والعالمية وتم نشره في المواقع الإخبارية.
ووفقا لـ "بلومبيرج" هنا أربعة خطوط رئيسة من اللقاء:
أولا: المملكة تنوي تجاوز "عهد النفط" (فقط).
ثانيا: تقليل العجز في الميزانية.
ثالثا: ضخامة طرح حصة من "أرامكو".
رابعا: التضخم.
بلا شك أن الدولة باتت تطالعنا بالمزيد حول توجهها الاقتصادي في المرحلة المقبلة، وذلك بقيادة شابة تؤمن بالتغيير والإصلاح وتفتح أبوابا من الفرص صدئت مع مرور الوقت. هذا الصدأ تسبب في زيادة العبء على كاهل الدولة وفتح بابا واسعا للتساؤلات والتكهنات حول المستقبل وما يحمله ما أثر تدريجيا (مع عوامل أخرى) في سوق الأسهم مثلا وحركة رؤوس الأموال المستثمرة.
في نظري إحدى أهم النقاط الإيجابية في اللقاء كانت في مستهله وهي قرب الإعلان عن "الرؤية الاقتصادية" للبلاد بشكل رسمي التي يندرج تحتها مجموعة من البرامج مثل صندوق الاستثمارات العامة وبرنامج التحول الوطني. وتتركز أهمية هذه النقطة في كونها إشارة للمؤسسات والقطاعات بتحديد اتجاهاتها كذلك. فعلى سبيل المثال، التنويع الاقتصادي يعني أنه سيتم الفسح لمزيد من القطاعات والأنشطة الاقتصادية الأخرى. من العناصر المهمة في أي اقتصاد هو معدل الشفافية والإفصاح، حيث تقترب توقعات المستهلك والمستثمر والمؤسسات من الواقع وتبدأ في رسم الخطط على تلك الأسس، وبهذا تقل التكهنات ويخف معدل تسرب الأموال المستثمرة إلى خارج البلاد.
بالنسبة لتقليل العجز في الميزانية فهو يعتمد إلى حد كبير على الخصخصة القطاعية ومدى فاعلية التنفيذ والأداء. فمثلا ستكون الأولوية للقطاع الصحي، حيث تنتقل ملكية أصول الدولة فيه إلى القطاع الخاص. ولا يخفى على أحد أن القطاع الصحي كان ولا يزال من أكثر الملفات المحلية تحديا نظرا للزيادة في التعداد السكاني وارتفاع مستوى البيروقراطية وضعف الإنتاجية والأداء على مر عقود. إضافة إلى ذلك، سيتم التوجيه والتوعية بأهمية التأمين الصحي المدفوع عوضا عن العلاج المجاني بالنسبة للمواطن، وتشجيع شركاء القطاع من خارج المملكة بالاستثمار فيه داخليا.
في هذا الإطار أرى أن نجاح برامج الخصخصة يعتمد أساسا على عنصرين: الرقابة والدماء الشابة. وأقصد بالرقابة المحاسبة وتحقيق نتائج دورية معلنة بشكل شفاف وواضح. أما الدماء الشابة فقد استثمرت الدولة منذ عهد الملك عبد الله ـــ طيب الله ثراه ـــ في التعليم والابتعاث خارج المملكة خاصة في مجالات الإدارة والأعمال فتولد جيل لديه من العلم وأساليب الإدارة الحديثة ما هو كفيل بإجراء التحديث والتغيير والإصلاح بعيدا عن الطرق التقليدية.
سأنتقل مباشرة إلى التضخم. وهذه النقطة تهم المواطن والفرد من حيث المعيشة والأسعار وبالتالي الخطط المستقبلية. وفقا للمصلحة العامة للإحصاء فقد تسارع معدل التضخم في يناير تزامنا مع بدء خفض الدعم الحكومي للوقود والمياه والكهرباء. وهذا أحد الإجراءات الطبيعية التي تتخذها الدول لتقليص العجز في الميزانية وتحدثنا عنه في مقال سابق. لكن آثار هذا الخفض ستطول السلع والخدمات الأخرى وبالتالي مراقبة التوازن في المستوى العام للأسعار بشكل يناسب مستوى الدخل العام للفرد. أكرر ندائي بأهمية تأسيس حد رقمي أدنى للمستوى المعيشي للفرد في المملكة، حيث يرتكز على أساسه مستوى الأجور وبالتالي تكاليف المعيشة الأخرى. وللحديث بقية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي