وميض أمل في آخر النفق
آخر من أعلن أن الديون تحاصره، هو الهلال، وإذا كان الأزرق الكبير بقائمته الشرفية الفخمة يعاني فكيف حال البقية؟! سؤال يفترض أن يقلق كل متابعي الكرة السعودية ومحبيها وراغبي الخير لها.
.. في المؤتمر الصحافي للأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، أجاب عن سؤالي عن إمكانية تعثر مشروع تخصيص الأندية بسبب الديون، بقوله”: نعتقد أن جزءا من ديون الأندية سببه سوء في الإدارة”. كانت تلك جزءا من إجابته، وفيها كثير من الحقيقة، ووجه آخر للحقيقة أن مؤسسة الرياضة في سنوات خلت كانت سببا مباشرا في تراكم وتضخم ديون الأندية بضعف رقابتها على الإدارة المالية للأندية، ووقوفها موقف المتفرج عليها، دون أن تسن قوانين تمنع مهووسي الشهرة من قيادة الأندية إلى دروب الضياع.
.. اليوم وبعد أن صحونا على واقع مؤلم، ماذا يمكن أن تفعل الإدارة الجديدة في مؤسسة الرياضة أمام هذه التركة؟ خاصة أن الإرث ثقيل جدا، ويحتاج إلى حلول بعيدة المدى لن تظهر نتائجها بوضوح قبل ثلاثة أعوام على الأقل.
.. من الأخطاء التي أسهمت في تراكم الديون، أن نظام الأندية، كان يفرض عقد الجمعيات العمومية كل عام وكانت أغلب الأندية تراوغ في عقدها مستغلة ضعف الرقابة، وهو خطأ عدلته الإدارة الجديدة في الرياضة السعودية، بإضافة المادة: “يحق لرعاية الشباب حل أي إدارة لا تلتزم بذلك”، هي خطوة في الطريق الصحيح، تحتاج إلى تطبيق عملي حتى تعرف مجالس إدارات الأندية أن الرئاسة جادة هذا المرة ولا تهدد فقط.
.. من المعوقات السابقة أيضا، أن الإدارات المالية في الأندية غير واضحة في هيكلتها، ولا يمكن تطبيق نظام الإفلاس العالمي عليها مهما بلغت الديون، ويبدو لي أن إعلان الأمير عبد الله بن مساعد الأخير نيته التعاقد مع مكتب للاستشارات والإدارة المالية، يسير في هذا الاتجاه، وسيظهر بوضوح ماذا سنفعل أمام ناد غارق في الديون؟ هل يهبط للدرجة الأدنى؟ هل تفرض عليه عقوبات المنع من الدخول في الصفقات؟ هل تعلق مستحقاته المالية؟ كل هذه الأسئلة سنجد لها إجابة بعد التعاقد المنتظر.
.. ما عرف بـ”مشروع ابن مساعد لتقليص الديون”، بادرة رائعة أيضا وخطوة مؤقتة قبل سن قوانين واضحة، وهو مشروع يمنع الأندية من عقد أي صفقات في الموسم المقبل ما لم تخفض ديونها إلى أقل من 40 مليون ريال، ولكن أيضا يحتاج إلى تطبيق صارم لا تخرقه الاستثناءات.
تلك مبادرات جيدة أظهرتها الإدارة الجديدة في مؤسسة الرياضة، تحتاج إلى إيمان بها من قبل رؤساء الأندية والتزام بموادها، للخروج من هذا النفق المظلم الذي تراوح فيه أغلب أنديتنا، وفي آخر النفق وميض من نور، متى ما اعترفنا جميعا بإن الوضع خطر للغاية.
أعود للسؤال الأول: هل ستكون الديون عثرة في طريق مشروع التخصيص المنتظر؟ المتشائمون يقولون نعم، المتفائلون يقولون لا، والسبب أن القيمة المتوقعة للأندية ما زالت أعلى من الديون حتى اللحظة، ولذلك من مصلحة الأندية المدينة أن تسعى بكل قوة لتخفيض ديونها حالا واتخاذ سياسة تقشف صارمة في الموسم المقبل، حتى ترفع قيمتها السوقية عند إعلان التخصيص.