مذكرات المسؤولية الاجتماعية

بعد بحث وعمل استغرق أكثر من عقد من الزمن، وجدت "المسؤولية الاجتماعية للشركات" جثة هامدة! دفعتني مشاعري في تلك اللحظة للبحث في أشيائها، علي أن أجد ما كنت أبحث عنه في مضمونها وعن أدلة ترشدني لإكمال مسيرتي التنموية. ولحسن حظي وجدت بين الأوراق المتبعثرة "مذكرات المسؤولية الاجتماعية للشركات".. فإليكم بعض المقتطفات التي هي بمنزلة أدلة حول هذه الواقعة:
"بعد وصولي إلى السعودية عام 2006، أقيم لي احتفال كبير، فقررت أن أتخذ لي مقرا لأبدأ حياتي العملية. لم تمر سوى بضعة أشهر حتى بدأت معاناتي. بدءا من اختطافي من موظفي العلاقات العامة والتسويق أي من لا يملكون التخصص الأكاديمي أو الخبرة. وعلى الرغم من تجاهلي من أصحاب الشأن.. أجريت عديدا من المقابلات الشخصية لكن لم يفهمني أحد.. قام عديد بانتحال شخصيتي، خاصة تلك التي سميت "خدمة المجتمع"، التي أساءت إلى سمعتي وحصرتني في أقسام لا تمت إلي بصلة، بل الأدهى هو عندما حاولت أن أدافع عن نفسي جاء من أراد تملكي، وتعرضت إلى محاولات عديدة للاعتداء، فجاء من نادى باسمي ومن أطلق على شرفي الجوائز والمؤشرات. وعلى الرغم من ذلك تمكنت من المحافظة على حياتي والتسلل إلى قلب بعض الشركات، واليوم أسمع وأرى أشياء غريبة، منها على سبيل المثال:
ـ وزارة لقطاع صحي تفوز بجائزة للمسؤولية الاجتماعية!
ـ مسؤول حكومي يطالب بتغيير مسمى التنمية الاجتماعية إلى وزارة المسؤولية الاجتماعية!
ـ جهة حكومية تنشئ صندوقا لتمويل مبادرات حكومية للمسؤولية الاجتماعية!
ـ جامعة حكومية تنشئ قسما لمبادرات المسؤولية الاجتماعية!
ـ قطاع خدمي حكومي يدشن مشروعه للمسؤولية الاجتماعية!"
مسكينة تلك المسؤولية التي لم تجد لها بيتا، وسلبت قيمها ومضمونها.. تحية لمن استطاع أن "يملأ الفراغات"، والتحية الأكبر لمن سيتمكن من إعطاء الحياة لـ"استدامة الشركات"، المفهوم الأكثر شمولية، الذي يركز على دور القطاع الخاص في التنمية من غير الخلط مع "المجتمع بعد قراءة مذكرات "المسؤولية الاجتماعية للشركات" ذهبت متشوقة للقاء "استدامة الشركات". كنت أتصور أنها أجنبية جاءتنا من بلاد الغرب، كما أوحت لي سطور المذكرات، لكن وجدتني جالسة أمامها وهي تتحدث بلهجتنا، مفعمة بالحيوية والأمل والنشاط... ابتسمت، وتأكدت أن "استدامة الشركات" جاءت في الوقت المناسب تزامنا مع "رؤية 2030". بدءا من المفردات المشتركة، من معايير قياس، تقييم، التزام، ابتكار، شفافية، محاسبة، كفاءة، حوكمة، مواطنة... إلخ.
هذا زمن لفكر تنموي تصاحبه نقلة نوعية بالشراكات وتعديل السياسات والنظم البيروقراطية المعمول بها، وتفعيل مفردات الإصلاح الإداري الذي وحده كفيل بتفعيل هذه الرؤية وبنودها وتحويلها إلى واقع ملموس يسهم في تحقيق التنمية المستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي