بدايات للتطوير
من المجالات الواعدة التي حددها برنامج التحول الوطني، التعدين والبتروكيماويات، وهذا وضع أفضل لشموله على أكبر فرص تنموية وحلول ممكنة لتحقيق "رؤية 2030". فقد تعتبر هذه التجمعات أقطاب النمو التي نرجو التركيز عليها اقتصاديا وصناعيا. وتعرف أقطاب النمو بتلك الصناعات القيادية في الأماكن الاقتصادية أو في المواقع الجغرافية التي تعمل على اجتذاب عديد من الصناعات الأخرى مشكلة معها روابط أمامية وروابط خلفية تعمل مجتمعة على إيجاد بنية أساسية متطورة في المكان الذي توجد فيه. كل ذلك يؤدي إلى استقطاب صناعات وخدمات أخرى هي بدورها تستقطب صناعات وخدمات تسهم في بناء بنية تحتية جديدة لاقتصاد صحي ومعرفي، وتطوير وبناء هذه الأقطاب على أسس الاستدامة لتكون نواة الاقتصاد الوطني.
وتمثل المدن الصناعية مثلا أهم أقطاب النمو لدينا، وقد تكون الحل الأمثل للوصول إلى اقتصاد متعدد المصادر وإيجاد الكفاءات اللازمة، وبذلك يتم توفير الوظائف وتشجيع الابتكار والبحث والتطوير. "رأس الخير" المدينة الصناعية على الخليج العربي التي تقوم فيها صناعات تعدينية وأخرى متعلقة بها، وتحتوي على محطتين لتحلية المياه ولتوليد الكهرباء، وأهم ميناء صناعي في المملكة. وتلك من المقومات الأساسية والدليل على التوجه السياسي الداعم. منذ بداية العمل على حفر المناجم بدأت هذه المنطقة باستقطاب صناعات أخرى قائمة على الألمنيوم مثل: مصانع السيارات ومصانع المشروبات الغازية وغيرها، ما أسهم في إيجاد عشرات الآلاف من الوظائف لأبناء هذه المنطقة، ومن هنا برزت احتياجات عديدة لهذه المنطقة منها أساسية كالاحتياجات الطبية والتعليمية، ومنها احتياجات ثانوية خدماتية. وقد أسهم ذلك في فتح المجال أمام شباب هذه المنطقة والمناطق المجاورة لبدء مشاريع صغيرة ومتوسطة (مطاعم، ومغاسل، ومحطات وقود...) لتلبية احتياجات الموظفين فيها، كما أدى ذلك إلى إيصال الخدمات الأساسية إلى هذه المنطقة.
إنه حقيقة نموذج جميل أسهم في تنوع مصادر الدخل الوطني، ووفر صناعات جديدة أتاحت فرص عمل جديدة وأسهمت في تنمية المنطقة ورفع مستوى المعيشة فيها. وتبقى الصورة واضحة جدا أن هذا الكيان الاقتصادي الضخم أحد نماذج أقطاب النمو، وأن هذا النموذج هو في مرحلة التطوير في المملكة اليوم. وقد يمثل فرصة ذهبية لهيئة توليد الوظائف ومكافحة البطالة وكثير من مرجعيات ريادة الأعمال المتنوعة إذا أخذت هذه المنظومة في عين الاعتبار.