سماسرة صفقات النفط ومشتقاته يبحثون عن منصة جديدة
قبل يومين ودعنا أحد أهم مجالس صفقات النفط ومشتقاته وسماسرة تأجير ناقلات السفن ووقودهم، حيث كان آلاف التجار يعقدون ويسجلون ويوثقون الصفقات بأرقام ضخمة بكل حرفية، هذه المجالس هي منصات الياهو ماسنجر، حيث كانت تعقد صفقات لملايين البراميل من النفط الخام ومشتقاته بعد أن تنفذ وتؤرشف يوميا، حيث يقضي تجار النفط أغلب يومهم في التواصل مع غيرهم ويتبادلون الأوامر والتعاميم وكل المعلومات النفطية وغيرها، هذا إضافة إلى نحو 80 في المائة من الصفقات المالية تعقد بمهنية عالية وأمان مريح، لكن إلى هذه اللحظة ليس واضحا ما البديل لهذه المنصة وما سيكون أفضل نظام لتمكين التواصل مع جميع تلك الأطراف المختلفة.. أصبح المجال واسعا أمام منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى بمنصاتها المتحركة الأوسع انتشارا لاستئناف المهمة، لكن هناك منصتين لـ «بلومبرج» و»رويترز» التي أصبحت تتجه في اتجاه «بلومبيرج» وأصبحت مهتمة بتطوير جهاز منافس لجهاز بلومبيرج، فيما أصبحت «بلومبيرج» متجهة في اتجاه «رويترز» من خلال التوسع في الأخبار بعد أن هيمن جهازها على أهم سوق للمال في العالم وهي «وول ستريت».
قبل يومين لم يعد أحد قادرا على تسجيل الدخول أو إرسال الرسائل على منصة “الياهو” “ماسنجر”، على الرغم من أن هذه الخدمة لها من العمر ما يقرب عقدين من الزمن، بعد أن قررت الشركة الأمريكية إغلاق تطبيقها للدردشة الذي كان يستخدم بشكل كبير في قطاع الأعمال التجارية.
#2#
عندما أطلق “الياهو” “ماسنجر” في عام 1998، واعتبر لسنوات أداة تعامل لتجارة النفط في مستوى التعامل المباشر للوسطاء والتجار يتواصلون ويتفاوضون في عمليات بيع النفط ومشتقاته. ولم يمض وقت طويل قبل وصول “ياهو” “ماسنجر” ليكون منصة تواصل تجاري مهمة، وأصبح أداة التداول الأساسية، عندها انضم الوسطاء وتشجع عملاء المصارف وشركات الطيران، حينها تمتعت هذه المنصة بعصر ذهبي، امتلك خلاله قاعدة مستخدمين عريضة جدا في العالم قدرت بأكثر من 94 مليون مستخدم، وكان يعد الأشهر على سطح مكتب الحواسيب، وقد كان ذلك في عصر وُجد فيه منافس قوي وهو “الماسنجر” من مايكروسوفت “إم أس إن” ومن ثم “ويندوز لايف” وهذا الأخير تخلصت منه عملاقة البرمجيات الأمريكية، حيث أدركت سريعا توجه اهتمام السوق المستهدف وتمكنت من التأقلم مع المتغيرات ودمجت مع “سكايبي” كبديل ضخم يستخدمه 300 مليون مستخدم حول العالم على الأقل.
واليوم يسيطر كثير من التطبيقات على السوق، منها “واتساب” وأيضا “فيس بوك ماسنجر” و”تويتر” و”لاين”، إلى جانب تطبيقات الدردشة الأخرى التي حصلت على تطويرات تلبي رغبة المستهدفين بالخدمة إضافة إلى الخطوة المهمة التي قامت بها من تحقيق الأسبقية نحو الهواتف الذكية، حيث أكبر وأنشط شريحة في العالم في استخدام مثل هذه البرمجيات.
منصة “الياهو” “ماسنجر” تفاوض من خلالها أعداد هائلة من التجار على صفقات النفط المادية الفورية، وعرضت من خلالها الشحنات النفطية وتم الاتفاق على صفقات رحلات ناقلات النفط ومشتقاته، وكانت مصدرا حيويا للحصول على معلومات السوق التجارية، حيث كانت أحد برامج سطح المكتب التي كان لا يسع صاحب همة ولا سلعة الجهل به، هذا العملاق والمورد المهم في عالم المال والأعمال أطلقت عليه رصاصة الرحمة قبل يومين.
#3#
قد لا نبالغ عندما نقول إن أغلب المضاربين في أسواق النفط الفعلية الفورية Physical SPOT Markets قد استخدموا منصة الياهو ماسنجر إضافة إلى مئات الصحافيين الذين يغطون الأسواق من خلال اتصالات تشمل التجار والمحللين والوسطاء وموظفي العمليات والشحن والتخزين، ويتابعون كل تحركات السوق، وحتى عندما يتم تغيير مكان العمل وتتبدل الوظائف، تأتي إمكانية التواصل، والحصول على المعلومة من خلال منصة “الياهو” “ماسنجر”.
مفاوضات أسواق النفط الفعلية، والمفاوضات حول البيع الفوري SPOT Market غالبا ما كانت تتم عبر منصة “الياهو” “ماسنجر”، ثم إرسال صيغة الاتفاق المبدئي عبر البريد الإلكتروني قبل إرسال العقد ليتم التوقيع، ولعل أهم مميزات “الياهو” “ماسنجر” هو الحفاظ على جميع سجلات العمليات التي تتم من خلاله، من مراسلات وبطريقة احترافية وقانونية، بحيث يمكن الرجوع إليها عند حصول أي خطأ أو نشوء خلاف بين أطراف التبادل.
وبما أن كثيرا من المعلومات التجارية الحساسة يتم إرساله عن طريق “الياهو” بشكل آمن، ولما تشكله هذه المنصة من أهمية لتبادل المعلومات التجارية فقد أصبح هذا القرار يشكل مصدر قلق للمضاربين، ولديهم توجسات حول آليات العمل ضمن المنصات الجديدة ومستوى أمن المعلومات فيها، وأيضا كيف تكون أدوار بيع وشراء النفط ومشتقاته، وسماسرة حركة الناقلات Ship Brokers في المنصة المقبلة، التي ستحل محل “الياهو” “ماسنجر” الذي كان يمكنهم من إرسال عديد من الرسائل والاستفسارات يوميا عندما لا يكون هناك وقت لإجراء مكالمات مباشرة.
#4#
وأيضا كيف ستلبى حاجة الوسطاء في معرفة الأسعار في جميع أسواق النفط، هذه البيانات المهمة التي كانت منصة “الياهو” “ماسنجر” توفرها لجميع المعنيين بكل أمن وحرفية، هذا العمل الضخم من المستحيل القيام به وبالسرعة المطلوبة عبر الهاتف، أو عبر منصة اتصال أخرى، فليس من السهل إيصال هذا الكم الهائل من المعلومات إلى قنوات كثيرة وفي اللحظة نفسها.
ومع إغلاق منصة “الياهو” “ماسنجر”، لا يوجد هناك أي يقين حول أي منصة أخرى للتراسل تحل محلها في هذه اللحظة، بل الواضح أن الفوضى قد تربك المتداولين في أسواق النفط الخام حتى إن كانت بوادر تميل إلى تبادل الرسائل الفورية، باستخدام منصات تراسل وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة مثل: عندما يتم الانتقال إلى وسائط جديدة من الشبكات الاجتماعية، مثل “الفيسبوك” و”تويتر”، أو حتى “سكايبي” الذي تميل إلى استخدامه أسواق وقود السفن التي تغذي ناقلات النفط ومشتقاته.
ويتطلع العالم إلى معرفة المنصة الفعالة التي ستحل محل “الياهو” “ماسنجر” بمهنية. ومن المرجح أن أسواق النفط الفردية يجب أن تتوحد في نهاية المطاف حول واحدة أو بضع منصات للتراسل ولعلنا هنا نبرز أهم هذه المنصات المقترحة لأسواق النفط:
ـــ منصة بلومبيرج ماسنجر: “قرين كي Messenger Greenkey” التي يستخدمها مضاربو “وول ستريت” دائما. وتستخدم محطات بلومبيرج على نطاق واسع من قبل المصارف، وصناديق التحوط وغيرها من التجار.
ـــ منصة رويترز ماسنجر: “أيكون ماسنجر” Eikon Messenger التي هي حديثة نسبيا.
وكما تعلمون في عالم الأخبار المالي والاقتصادي هاتان المنظمتان ضخمتان تتنافسان فيما بينهما لتقديم أفضل الأخبار والتغطيات لعملائهما وهما وكالة رويترز التي تتخذ من لندن مقرا لها ووكالة بلومبيرج التي تتخذ من نيويورك مقرا لها. وعلى الرغم من أنهما اليوم متقاربان فيما يتعلق بنوعية العمل الذي يقدمانه، إلا أن بدايتهما كانت مختلفة تماما.
ـــ فوكالة رويترز قد بدأت عملها بتقديم الأخبار في عام 1851 على يد بول يوليوس رويترز الصحافي الذي برع في تقديم الأخبار المالية للمستثمرين في أوروبا وأمريكا.
ــــ أما وكالة بلومبيرج فقد بدأت عملها في عام 1980 على يد مايكل بلومبيرج ولم تبدأ كوكالة أخبار بل كانت “بلومبيرج” عبارة عن شركة تقدم الخدمات المالية في صورة بيانات ومعلومات عن أسواق وأسعار السندات يتم نقلها للمشتركين بواسطة جهاز خاص لا يزال يعمل إلى اليوم بالألوان الأساسية للشاشة القديمة نفسها له مع كثير من التطورات التقنية.
أما بلومبيرج الذي شغل منصب عمدة نيويورك إلى وقت قريب فقد بدأ حياته رجلا مصرفيا ولم يكن صحفيا مثل “رويترز”، وبدأ عمله برأسمال قوامه عشرة ملايين دولار اكتسبها من خلال صفقة دمج المصرف الذي كان يعمل فيه سابقا وهو مصرف سولومون براذرز مع “فيبرو” التي أشترتها “سيتي جروب”.
وفي عام 1990 أضاف بلومبيرج خدمة الأخبار إلى الجهاز بعد أن طلب منه العملاء ذلك لمساعدتهم على القيام بالصفقات ليس على أساس البيانات وحسب بل على أساس الأخبار.
ومع تطور العمل، أصبحت “رويترز” اليوم تتجه في اتجاه “بلومبيرج” وأصبحت مهتمة بتطوير جهاز منافس لجهاز بلومبيرج، فيما أصبحت “بلومبيرج” متجهة في اتجاه “رويترز” من خلال التوسع في الأخبار بعد أن هيمن جهازها على أهم سوق للمال في العالم هي “وول ستريت”.
التجار العاملون في بورصة نيويورك التجارية “نايمكس”، ومحللو شؤون الطاقة ووسطاء النفط والعملاء لا بد من توجيههم إلى نظام ماسنجر جديد، بعد توقف تشغيل “ياهو” “ماسنجر”، فقد اعتاد كثير منهم العمل في هذا المجال لأن آلاف التجار كانوا يعقدون ويسجلون ويوثقون الصفقات بأرقام ضخمة، صفقات لملايين البراميل من النفط الخام ومشتقاته كل يوم كانت تنفذ وتؤرشف، ويقضي تجار النفط أغلب يومهم على “ياهو” “ماسنجر” يتبادلون الأوامر والتعاميم وكل المعلومات النفطية وغيرها، وتعقد نحو 80 في المائة من الصفقات المالية على “ياهو” “ماسنجر” بمهنية عالية وآمان مريح. فما سيكون البديل لهذا العملاق الذي رحل عنا قبل يومين، بعد أن خدم هذا المجال ليل نهار بكل أمان وحرفية على مدى قرابة عقدين من الزمان؟