تاريخ ابن غنام
حسين بن غنام، أديب ومؤرخ شهير توفي سنة 1225هـ. قال عنه المؤرخ العلامة خير الدين الزركلي: “حسين بن غنام، أو ابن أبي بكر بن غنام، النجدي الأحسائي: مؤرخ. مالكي المذهب، شاعر فحل كان عالم الأحساء في عصره. ولد ونشأ في المبرز في الأحساء، وأقام بالدرعية عاصمة الدولة السعودية الأولى وتوفي بها. له مصنفات، منها (العقد الثمين في شرح أصول الدين- خ) صغير ألفه للأمير عبد العزيز بن محمد بن سعود، رأيت نسخة منه في المكتبة السعودية، بالرياض، و(روضة الأفكار والأفهام، لمرتاد حال الإمام، وتعداد غزوات ذوي الإسلام- ط) جزآن في مجلد، يقف في حوادث سنة 1213، ويسمى أيضا (تاريخ نجد- ط)”.
ولا أدري لماذا وصفه الزركلي بعالم الأحساء في وقته، أو من أين أتى بهذه المعلومة. أما وصفه لشعره بالفحولة، فهو غريب من شاعر فحل مبدع كالزركلي، فشعر ابن غنام ينطبق عليه ما يوصف به شعر العلماء في زمانه، الذي تغلب عليه الركاكة والتصنع. والذي يهمني في هذه المقالة هو تاريخه، فمنذ عرفت تاريخ ابن غنام ولدي نسخة حررها وحققها الدكتور ناصر الدين الأسد، بترشيح من الشيخ عبدالعزيز بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، وهو الذي قدم له أيضا، وهذه النسخة هي التي كنت أقرأ فيها وأعتمد عليها كلما دعت الحاجة. وقبل أشهر زودني أحد الزملاء بنسخة من هذا التاريخ طبعت في المطبعة المصطفوية في بمباي في الهند، وذكر بعض الباحثين أنها طبعت سنة 1332هـ، وأخذت في قراءة هذه الطبعة ومقارنتها بالطبعة التي حققها الدكتور الأسد، وشعرت أني أقرأ تاريخين مختلفين، ليس من حيث الصياغة، لأن هذا أساس عمل الدكتور الأسد، القائم على إعادة صياغة الكتاب وتحريره من السجع، ولكن من حيث المعلومات، إذ ترد في الطبعة الهندية أحكام وآراء دينية وحوادث تاريخية لا نعثر لها على أثر في طبعة الأسد، وأحيانا العكس. كما أن عنوان الكتاب يختلف بين الطبعتين، ففي الطبعة الهندية هو “روضة الأفكار والأفهام، لمرتاد حال الإمام، وتعداد غزوات ذوي الإسلام”، وفي الطبعة الثانية هو “تاريخ نجد”، ولا شك أن العنوان الأول هو الصحيح، وهو الذي ذكره ابن غنام في مقدمته للكتاب، أما العنوان الثاني فهو اجتهاد من الدكتور ناصر الدين الأسد أو من أشار عليه، ولم يكن يعرف قبلها إلا باسمه الأصلي أو باسم تاريخ ابن غنام، أما ما ذكره الزركلي من أنه يعرف باسم تاريخ نجد، فيبدو أنه تأثر بما رآه في عنوان طبعة الدكتور الأسد. والذي عرف باسم “تاريخ نجد”، ويليق به ذلك فهو تاريخ ابن بشر “عنوان المجد في تاريخ نجد”.
لا أدري لماذا هذا الاختلاف بين طبعتي تاريخ ابن غنام المشار إليهما، وهل هو مقصود أم غير مقصود، لكن الذي أنا متأكد منه أن الدكتور الأسد لم يوفق في عمله، وأن هذا الكتاب بحاجة إلى إعادة نشر وفق أصول التحقيق العلمي، بالاعتماد على مخطوطاته، ونشر النص الأصلي كما هو دون تحريف، مع التعليق على الآراء التي يراها المحقق خاطئة، وأظنه سيعثر على كثير. ولا شك أن دارة الملك عبدالعزيز هي المؤهل الأول للقيام بهذا العمل، ونما إلى علمي قبل سنوات أنها عازمة على ذلك، وما زلنا في الانتظار.