مكتباتنا المغلقة
للمكتبات أثر كبير في حضارة الأمم، وقد حرصت الأمم منذ القدم على إنشاء المكتبات ليفيد منها طلاب العلم والباحثون، الذين يقدمون بدورهم دراسات تفيد أوطانهم ومجتمعاتهم، وقد أسهمت هذه المكتبات في التطور الثقافي والمعرفي والحضاري، ولعل “بيت الحكمة”، تلك الدار العباسية العلمية الكبيرة والمركز الحضاري الشهير من أبرز الأمثلة على ذلك. ولذلك نرى عددا من المكتبات الجامعية في بعض دول العالم تفتح أبوابها على مدار الساعة ليل نهار، ولا توصد أبدا، لأن هناك من يناسبه وقت محدد من اليوم قد يكون مبكرا أو متأخرا حسب ظروف عمله وحياته.
وفي بلادنا الغالية كانت بعض مكتباتنا الجامعية، وأضرب مثلا بمكتبة جامعة الملك سعود، كانت تفتح منذ الثامنة صباحا حتى الساعة الثانية عشرة ليلا طيلة أيام الأسبوع، وهو توقيت ناسب الغالبية العظمى من رواد هذه المكتبة، إلا أن هذا الدوام قلص ثلاث ساعات في الفترة الأخيرة، بسبب حالة التقشف التي نعيشها، وعدم القدرة أو الرغبة في دفع خارج دوام لموظفي المكتبة الذين يعملون حتى الثانية عشرة ليلا. وأصبحت المكتبة تغلق أبوابها بعد القرار الأخير في التاسعة مساء، كما أصبح يوم الجمعة كاملا إجازة، وهو ما لا يناسب شريحة لا بأس بها من روادها، فتضجر واشتكى عدد منهم، آملين إعادة النظر في هذا القرار.
ولا شك عندي أنه كلما طالت ساعات العمل في هذه المكتبات فهو أفضل للبلاد والعباد، وبما أن المال هو الحاجز المنيع الذي يقف دوما حائلا دون تحقيق المأمول، فإن هناك محسنين وأثرياء يحبون وطنهم ويتمنون خدمته، وبالتأكيد لديهم الرغبة في دعم مثل هذه المكتبات التي تخدم باستمرار آلاف المواطنين والمقيمين. أليس من المناسب أن يستعان بهؤلاء الأثرياء؟، كلي ثقة أن بعضهم مستعد لوضع وقف لمصلحة المكتبة على أن ينسب الفضل لأهله، ومرة أخرى أليس من المناسب أن تسمى قاعات من هذه المكتبات بأسمائهم؟.