الاستثمار من أجل تحقيق النمو المستدام «2 من 2»

مبادرة الصين "حزام واحد، طريق واحد" - التي تهدف إلى ربط آسيا بأوروبا مع شبكات البنية التحتية الحديثة سوف تساعد على تحقيق أهدافها المرجوة، على افتراض أن هذه المشاريع تم تصميمها مع أخذ منخفض الكربون والطاقة بعين الاعتبار. وتعزز هذه المبادرة فرص العمل، والإنفاق، والنمو، خاصة في اقتصادات البلدان غير الساحلية. وستشكل هذه الاستثمارات دينامية جديدة للعلاقات الاقتصادية والدبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وروسيا والصين.
وهناك حاجة إلى برنامج مماثل على وجه السرعة في إفريقيا. على الرغم من أن البلدان الإفريقية قد حددت بالفعل الاستثمارات ذات الأولوية كالكهرباء والنقل، سوف يظل التقدم بطيئا إذا لم ترافقه موجة جديدة من الإنفاق الاستثماري.
وينبغي أيضا رفع إنفاق الدول الإفريقية مجتمعة في التعليم وحده بعشرات المليارات من الدولارات سنويا. كما يجب رفع الإنفاق على البنية التحتية مجتمعة بمبلغ 100 مليار دولار على الأقل في السنة. ويجب تغطية هذه الاحتياجات في الغالب على المدى الطويل، وبواسطة قروض منخفضة الفائدة من الصين وأوروبا والولايات المتحدة، فضلا عن تعبئة المدخرات الطويلة الأجل في الدول الإفريقية (من خلال، على سبيل المثال، اعتماد أنظمة جديدة للتقاعد).
كما تحتاج الولايات المتحدة وأوروبا إلى برامج جديدة للبنية التحتية الرئيسة، وينبغي على الولايات المتحدة - حيث تم إنجاز مشروع ضخم للبنية التحتية، بالتحديد الطرق السيارة السريعة الوطنية، في السبعينيات - تأكيد الاستثمار في الطاقة المنخفضة الكربون، والسكك الحديدية العالية السرعة، والاستثمار الشامل في السيارات الكهربائية.
أما بالنسبة لأوروبا، فيجب أن تكون الخطة الاستثمارية للمفوضية الأوروبية – في إطار برنامج أهداف التنمية المستدامة للاتحاد الأوروبي التي أطلق عليها اسم "خطة يونكر" نسبة إلى جان كلود يونكر رئيس المفوضية الأوروبية. وينبغي أن تركز هذه الخطة، مثلا، على إيجاد شبكة نقل على مستوى أوروبا للحصول على الطاقة المنخفضة الكربون، وعلى الزيادة الهائلة في مجال توليد الطاقة المتجددة.
للمساعدة على تمويل مثل هكذا برامج، على بنوك التنمية المتعددة الأطراف - مثل البنك الدولي وبنك التنمية الآسيوي، والبنك الإفريقي للتنمية - رفع كمية الديون الطويلة الأجل في أسواق رأس المال بأسعار منخفضة الفائدة. ومن ثم ينبغي أن تقرض تلك الأموال إلى الحكومات والكيانات الاستثمارية في القطاعين العام والخاص.
وينبغي على الحكومات الرفع التدريجي لضرائب الكربون، وذلك باستخدام العائدات لتمويل أنظمة الطاقة المنخفضة الكربون. ويجب إغلاق الثغرات الفاضحة في نظام ضريبة الشركات العالمية، وبالتالي زيادة الضرائب المفروضة على الشركات العالمية بنحو 200 مليار دولار سنويا، إن لم يكن أكثر. وتتوافر الشركات الأمريكية حاليا على ما يقرب من تريليوني دولار من الأموال القادمة من الخارج التي يجب أخيرا أن تخضع للضريبة. وينبغي تخصيص هذه الإيرادات للإنفاق الاستثماري الجديد.
بالنسبة لأفقر البلدان في العالم، فإن كثيرا من الاستثمارات المطلوبة يجب أن تأتي من خلال زيادة المساعدة الإنمائية الرسمية. هناك عدة طرق لتوليد هذا المال من أجل مساعدات إضافية عن طريق خفض الإنفاق العسكري، بما في ذلك وضع حد للحروب في منطقة الشرق الأوسط، والوقوف بحزم ضد الجيل القادم من الأسلحة النووية؛ وتقليص القواعد العسكرية الأمريكية في الخارج، وتجنب سباق التسلح بين الولايات المتحدة والصين من خلال تعزيز الدبلوماسية والتعاون. وينبغي توجيه عوائد السلام نحو الرعاية الصحية، والتعليم، والبنية التحتية في المناطق الفقيرة التي مزقتها الحروب اليوم.
فليست التنمية المستدامة مجرد رغبة وشعار، بل هي المسار الواقعي الوحيد لنمو الاقتصاد العالمي ورفع فرص التشغيل. لقد حان الوقت لإعطائها الاهتمام وكذلك الاستثمار الذي تستحقه.

خاص بـ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2016.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي