جرائم المستقبل (1)
كنت أبحث عن كتاب لقضاء وقت انتظار طويل قبل رحلتي التالية في مطار فرانكفورت، ووقع اختياري في النهاية على كتاب أتوقع أن قراءته ستغير حتما أمورا كثيرة في عالمي الافتراضي.
عنوان الكتاب هو "جرائم المستقبل" Future Crimes لكاتبه مارك جودمان، يتحدث فيه عن جرائم الإنترنت وكيف تطورت إلى حد بعيد، وأنها ستصبح خارج سيطرتنا في المستقبل القريب.
ويصف المؤلف الكتاب بأنه قصة المجتمع الذي نصنعه بالتقنية المتطورة وكيف أن ما بنيناه هو ما سيأتي ضدنا في يوم من الأيام. والكاتب محقق سابق في مركز شرطة لوس أنجلوس ودخل مجال الجريمة الإلكترونية بالصدفة عندما طلب منه مديره مساعدة على لوحة مفاتيح الكمبيوتر وذلك في عام 1995.
يقول جودمان إن المجرمين يطورون أساليبهم ببراعة ودون توقف بحيث تتضمن أحدث ما توصلت إليه التقنية، وذلك قبل قترات طويلة من اتخاذ السلطات والشرطة المسار نفسه للحاق بهم. ولهذا السبب ترك الكاتب عمله في الشرطة وانتقل إلى وادي السيليكون في سان فرانسسكو للانغماس في عالم التكنولوجيا والذكاء الصناعي والروبوتات، ومن هنا بدأت رحلته في اكتشاف العمق الافتراضي للعالم الذي نعيشه والذي يربط البشر بشكل يتضاعف مع كل ثانية.
يبدأ الكاتب الفصل الأول بقصة طبيعية قد تحدث في مستهلها لنا جميعا كمستخدمين للإنترنت، لكن ما حدث بعدها بدأ يخيفني لدرجة أنني قمت بمسح عديد من الملفات والمحتوى من "جوالي" مباشرة وأنا في الطائرة!
قصة "مات هونان" قصة رب أسرة وموظف حياته طبيعية، كما يبدو في شاشة كمبيوتره المحمول، حيث تظهر صورة طفلته في متصفح الإنترنت وفي صفحة أخرى يقرأ التغريدات القادمة إلى حسابه من آلاف المتابعين له في "تويتر". "مات" يعمل صحافيا مرموقا في مجلة تقنية شهيرة في سان فرانسسكو ويعيش مرتبطا بالإنترنت على مدى اليوم والساعة، لكنه لم يكن يتخيل أن عالمه الافتراضي بكل ما فيه سيختفي من خلال نقرات بسيطة على لوحة المفاتيح. وفي أحد أيام الصيف وقعت جميع صوره الشخصية والإيميلات والملفات الأخرى بيد هاكر سرقها في دقائق من مكانه في .. روسيا.
تفاصيل المشهد كما يصفها الكاتب مروعة لبساطتها ولأنها قد تحدث لأي واحد منا.
في أحد الأيام جلس "مات" يلاعب طفلته وفجأة انطفأ جواله فخطر بباله أن البطارية تحتاج إلى إعادة شحن، فقام بشبكه بالشاحن لأنه كان بانتظار مكالمة مهمة. وبدلا من أن تظهر شاشة التشغيل ظهرت علامة شركة أبل وتحتها تعليمات ضبط الجوال بعدة لغات Setup "كما يحدث عندما نشتري جهازا جديدا".
فاستغرب لكنه لم يقلق كثيرا لأنه يقوم بدعم وإعادة تخزين محتوياته في "سيرفر" آي كلاود يوميا. فقام بالدخول على "آي كلاود" لاستعادة الملفات لكنه فوجئ بأن "السيرفر" لم يقبل كلمة السر "التي هو متأكد من صحتها"، فقام بتوصيل "جواله" إلى "اللابتوب" وهنا جاءت الصدمة.
عندما فتح شاشة اللابتوب ظهرت له رسالة من "أبل" بأن كلمة سر إيميله في "جوجل" gmail غير صحيحة وبعدها تحولت الشاشة إلى اللون الرمادي ثم السواد وظهرت رسالة واحدة تطلب منه كلمة السر المكونة من أربعة أرقام، وهنا تيقن "مات" أن حسابه في "آي كلاود" تم اختراقه.
وللحديث تتمة ..