نحن و«مغول» 2016
ونحن نقرأ في التاريخ عن اجتياح المغول للبلاد العربية والإسلامية، لاح داخل كل منا أكثر من علامة استفهام وتعجب، ونسأل أنفسنا دوما قائلين: أين كان المسلمون؟ وماذا كانوا يفعلون؟ وكيف أصبحوا أذلة وهم كثرة؟ ولماذا لم يدافعوا عن أرضهم وعرضهم أمام هذا الزحف المغولي البربري الذي قتل الشيوخ والشباب ومضى على جثث الأطفال في كل مدينة واستباح المحرمات واغتصب النساء؟
الاستفهامات نفسها تلك ستلوح أمام الأجيال المقبلة، وستسأل نفسها وهي تقرأ عن اجتياح مغول العصر الحديث للمدن العربية بدءا من بغداد، ولا نعلم هل تكون النهاية في حلب أم أن هناك مدنا وشعوبا تنتظر نصيبها من القتل والدمار والترويع، وسيسألون أنفسهم عنا، ماذا كنا نفعل ونحن نرى "مغول" 2016 المختبئين خلف عمامة سوداء كالحة مظلمة لا يشبهها سواد إلا سواد قلبهم الحاقد على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب الذي دمر الإمبراطورية الفارسية على رؤوس أجدادهم النافقين، وهم يستبيحون محرماتنا ويقتلون رجالنا وأطفالنا ويغتصبون نساءنا؟
ستسأل الأجيال المقبلة ماذا فعلنا ونحن نسمع نداءات المستضعفين في حلب، وأنين النساء والأطفال تحت أنقاض منازلهم التي هدمت فوق رؤوسهم؟ بماذا كنا مشغولين ونحن نرى الجثث وهي تملأ الشوارع؟ لماذا لم ندافع عن الأطفال والشباب والشيوخ قبل أن يتم إعدامهم؟ لماذا لم ننصر النساء ونحن نراهن يطلبن فتوى بجواز الانتحار خوفا من الاغتصاب وهتك أعراضهن؟
الله وحده أعلم ماذا سيكون الجواب على كل التساؤلات الماضية، هل سيقولون أجدادنا من العرب والمسلمين كانوا منشغلين بـ"كلاسيكو" الدوري الإسباني؟ أم بقيادة المرأة وتحررها؟ أم سيقولون الكل كان في داره قائلا "مالي شغل"؟
صحيح أن ما حدث في حلب وصمة عار وجرح غائر تألمنا منه جميعا، صحيح أن الشهباء تعرضت للخذلان من فصائل الداخل ومن كل الدول المتعاطفة مع الشعب السوري المكلوم التي اكتفت بالقلق والشجب والاستنكار، صحيح أن المجازر التي تعرضت لها لم يعرف لها الماضي مثيلا، إلا أن التاريخ علمنا أن حلب الشهباء لا تسقط، بل يدخلها الساقطون من الغزاة ويخرجون منها مدحورين خاسئين أذلة، علمنا التاريخ أن المسلمين ومهما بلغ بهم الذل مبلغا، إلا أنهم يولدون من جديد منتقمين من الغزاة داحرين لهم ومنتصرين.