النقد.. والجرائم الإلكترونية

إن تعريف الجريمة الإلكترونية يذهب إلى أنها أي مخالفة ترتكب ضد أفراد أو جماعات بدافع نية الإساءة لسمعة الضحية أو لجسدها أو عقليتها، وهي المساس بحياة الأشخاص الخاصة عن طريق إساءة استخدام الهواتف النقالة المزودة بكاميرا، أو ما في حكمها، والتشهير بالآخرين وإلحاق الضرر بهم عبر وسائل تقنيات المعلومات المختلفة.
بهذا التعريف الواضح يجب ألا يخطئ البعض فيخلط بين النقد الهادف والجرائم الإلكترونية، فيظن أنه بمجرد توجيه نقد مدروس وهادف تجاه سلوك ونهج خاطئ لشخص ما أنه ارتكب جرما إلكترونيا قد يلاحق قضائيا بسببه ويغرم ماليا، ما يدفع ببعض المصلحين وأصحاب الآراء الهادفة للتوقف وعدم توجيه نقد هادف من منطلق "الباب اللي يجي لك منه ريح"، وهذا بلا شك سيقود المجتمع نحو الترهل الأخلاقي وهشاشة القيم وسيطرة أصحاب الأهواء والحمقى من مشاهير التواصل الاجتماعي ممن يسيطرون على عقول شبابنا.. وكذلك ازدياد الفساد الإداري بسبب تلويح مسؤول ما بين الفينة والأخرى بالملاحقة القضائية من باب أن ذلك يدخل ضمن الجرائم الإلكترونية!
النقد الهادف أن تنتقد سلوك الشخص وتسعى إلى تقويمه بما تراه مناسبا دون أن تتعرض له بالتجريح الشخصي وإطلاق الشتائم التي تمسه وأهل بيته وقبيلته ومنطقته، النقد الهادف أن تكون راقيا في طرحك للسلبيات ومكامن الخطأ دون أن يكون قصدك التصيد والترصد لتحقيق هدف شخصي، أن ترفع نفسك من الانحدار نحو مستنقع السب والقذف والانتقاص من قيمة من تنتقد سلوكياته وتصرفاته! ما دفعني لكتابة هذا المقال أسلوب الإرهاب الذي بدأ "بعض" مشاهير "السناب" يلوحون به بين الحين والآخر بملاحقة من ينتقدونهم بحجة أن ذلك يدخل ضمن الجرائم الإلكترونية، رغم أن كثيرين ينتقدون سلوكياتهم التي تؤثر سلبا في المجتمع وكأنهم بهذا التهديد يطوعون المجتمع رغما عنه لغرس كثير من حماقاتهم التي كلما ارتفعت ارتفع مؤشر حساباتهم المصرفية تصاعديا وانحدرت أخلاقيات المجتمع تنازليا! وأظن لو لاحقنا "مهرجي السناب" وحاكمناهم على سلوكياتهم الإلكترونية وغير الإلكترونية التي تسببت في هدم كثير من قيم وأخلاق الشباب والفتيات لضاقت بهم جنبات المحاكم.
ـــ سنظل ننتقد ما نراه من أمور وسلوكيات تعيث فسادا في عقول أبنائنا وبناتنا وتسعى لأن تصنع منهم نسخا متكررة من "حمقى السناب"، فالوطن ثروته الحقيقية في عقول أبنائه التي لا تقبل التأجير!
وخزة
يقول بيرتراند رسل "إن مشكلة هذا العالم تكمن في أن الحمقى والمتعصبين، دائما ما يشعرون بالثقة بأنفسهم، أما العقلاء فهم يشكون دائما في قدراتهم".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي