3 مصادر للإسكان .. 2.5 % من كل مصدر
تستهدف "الرؤية" ويستهدف برنامج التحول الوطني خفض تكلفة السكن وزيادة نسبة تملك المساكن.
طبعا بافتراض أن المقصود تملك وحدات سكنية تلبي الحد الأدنى من تطلعات الناس. وبافتراض أن الظروف الاقتصادية والتعديلات أو التطويرات في الإجراءات الحكومية (من أمثلة هذه الإجراءات الرسوم وتسريع اعتماد المخططات وغيرها) أسهمت وتسهم في توفير وخفض أسعار الأراضي، أي أنه لا يوجد شح في الأراضي الصالحة للبناء والسكن فورا أو ضمن وقت قصير من انتهاء البناء.
بنا على ما سبق، فإن لنا الحق أن نسأل كيف سيتحقق هدف زيادة نسبة تملك سكن، في ظل وجود الظروف التالية:
1. أسعار الأراضي وإن كانت في انخفاض منذ 2014، إلا أنه انخفاض نسبي، وستبقى عالية نسبيا، في الأحياء والمخططات المخدومة بالمرافق والخدمات في المدن الكبيرة. وأرى أن من يتوقع خلال السنوات القليلة المقبلة، أنها سترجع إلى مستويات أسعار ما قبل الطفرة السابقة أي ما قبل بضعة عشر عاما، أرى أنه يعيش في أوهام. مشكلة ارتفاع أسعار الأراضي السكنية مشكلة عالمية، حتى في دول كبيرة المساحة قليلة السكان. وطبعا لا ينفي أو يتعارض ذلك مع تفاوت الدول في حدة المشكلة وسنوات ظهور هذه الحدة. ومن يرغب في التأكد فليستخدم محرك بحث كـ "جوجل"، ويضع كلمات بحث مناسبة، وينظر في النتائج. عموما الدخول في تفاصيل حول هذه النقطة خارج نطاق هذا المقال.
2. تكلفة البناء مستبعدة أن تنخفض، خاصة مع جهود السعودة، وزيادة إيرادات الدولة من غير النفط. يعني متوقع العكس أن ترتفع التكلفة.
3. رفع أسعار الفائدة أخيرا، التي ترفع تكاليف التمويل طبعا.
4. عجز في الميزانية منذ عام 2014، ومستبعد جدا تحقيق فائض ولو كان بسيطا في الأجل المنظور.
5. يعاني صندوق التنمية العقارية شحا في أمواله، لأن سياسته في التمويل لا تقبل الرسوخ أي الاستمرار.
6. نحو نصف العائلات وربما أكثر، لا يمكنهم الحصول على تمويل مصرفي ميسر لامتلاك وحدات سكنية تحقق حدا أدنى من طموحاتهم.
طبعا لا إنكار أنه أطلقت برامج ومبادرات للإسهام في دعم جانبي السوق العرض والطلب. لكنها في نظري غير كافية لتحقيق طموحات وآمال المواطنين في السكن.
ما الحل زيادة على ما طرحته وزارة الإسكان من برامج؟
سأطرح رأيا، باختصار شديد لضيق المقام، يدعم الجهود المبذولة نحو توفير تمويل من الدولة أو يسهم فيه وتشرف على تحقيقه الدولة. الرأي يتوزع على استراتيجتين: استراتيجية للمدى المتوسط واسترايتجية للمدى البعيد. ويجب أن يعرف أن التمويل المطروح في الاستراتيجيتين ليس بديلا عن التمويل المصرفي، وإنما يخفف وطأته على طالب التمويل السكني.
استراتيجية على المدى المتوسط
ترتيبات أوسع في ضمانات قروض المصارف، وضخ الدولة لمبلغ جيد في صندوق التنمية العقارية- أيا كان اسمه بعد تطويره- تمكنه- إضافة إلى أموال الصندوق- من التوسع في إعطاء قروض حسنة، دون دخول في المسمى والتفاصيل. لكن كثرة المتقدمين وقلة أموال الصندوق يتوقع أن يدفعا إلى خفض الحد الأقصى للقرض الذي يحصل عليه المقترض في حياته بحيث لا يزيد على 250 ألف مثلا. وقلت في حياته، لإتاحة الفرصة لاحقا لمن حصل الآن على قرض أصغر، أن يحصل على قرض حسن، بشرط ألا يتجاوز مجموع قروضه الحسنة التي حصل عليها في حياته الحد الأقصى. الهدف من تخفيض الحد الأقصى للقرض هو تمكين عدد أكبر من المواطنين من الحصول على قرض حسن. طبعا مع مراعاة سقف القسط الشهري للسداد المحدد من مؤسسة النقد.
استراتيجية على المدى البعيد
الاستراتيجية السابقة المتوسطة المدى محدودة القوة، صعب رسوخها أو تماشيها مع الطلب وزيادة السكان. لابد من استراتيجية أقوى على المدى البعيد.
استراتيجية المدى البعيد تقوم على إنشاء صندوق ادخاري استثماري للإسكان، عن طريق الاشتراك، بما يشبه نظام التقاعد، لتحقيق مصلحتين: الاستمرارية في التمويل دون طوابير، والتخفيف على الناس عبء أقساط المصارف التجارية.
يقتطع من راتب كل موظف سواء في القطاع العام أو الخاص نحو 2.5 في المائة، وصاحب العمل يسهم بمثلها، والحكومة تسهم بمثلها عبر مثلا اقتطاع 2.5 في المائة من إيرادات كل برميل بترول لصندوق الإسكان الادخاري الاستثماري، أيا كان الاسم. بهذا تتكون للصندوق اشتراكات ثلاثة كل واحد 2.5 في المائة. وتقدر حصيلتها بما لا يقل عن 30 مليار ريال سنويا في الوقت الحاضر.
يلحظ أن الاقتطاع بسيط، فمن راتبه الشهري ستة آلاف سيقتطع منه فقط 150 ريالا.
يحق للمشترك في البرنامج بعد اشتراك لمدة لا تقل عن كذا سنة تسلّم مبلغ نقدي كبير، عند تملك سكن. هذا المبلغ يسهم مع مصادر التمويل الأخرى في مساعدة المشترك في تملك سكن أقرب إلى تطلعاته، من حالة عدم وجود الصندوق أصلا. ويمكن للصندوق دعم الإسكان بطرق وسياسات أخرى.
هل فكرة الادخار السكني جديدة؟ لا. بل سبق أن طبقتها دول بسياسات وأساليب متنوعة حسب الأحوال والظروف.