المنازعات العقارية في طريقها إلى الحل
تؤكد الأرقام الرسمية المعلنة عن دعاوى الإيجارات أمام المحاكم أن هناك زيادة تقارب 25 في المائة مقارنة بالعام الماضي، حيث استقبلت المحاكم العامة أكثر من 2500 قضية في فترة شهرين فقط وتمثل دعاوى إيجارات المساكن نسبة 60 في المائة من إجمالي تلك الدعاوى، وفي هذا الإطار تخطط وزارة الإسكان لإنشاء مركز لتسوية المنازعات العقارية بأنواعها المختلفة، بهدف سرعة الفصل في القضايا وإنهاء المنازعات بشكل سريع، وهي فكرة مستفادة من تجارب بعض الدول، حيث يتم الفصل في المنازعات العقارية على عدة مراحل.
وترجع هذه الزيادة في دعاوى الإيجارات المتأخرة وما يترتب عليها من طلب إخلاء العقار المؤجر إلى توقف إمارات ومحافظات المناطق والمحافظات عن النظر في الشكاوى التي يقدمها الملاك، حيث كانت اللجان المكلفة بذلك تقوم بدور مهم في تلقي الشكاوى واستدعاء الأطراف، ومن ثم الفصل فيها بقرارات إدارية ملزمة وعوضا عن استمرار تلك اللجان في دورها وتحويل ملاك العقارات إلى المحاكم العامة المختصة فقد تضخمت هذه القضايا أمام المحاكم.
إن طول فترة نظر الدعاوى العقارية خصوصا الإيجارات وإخلاء العقار مع فترة الاعتراض على الحكم ورفعه لمحكمة الاستئناف؛ وهو وقت طويل جدا مقارنة بالضرر الذي يقع على مالك العقار واستفادة المستأجر من هذه المدة وهو ما يمكن أن يكون أحد الأسباب في المماطلة والتسويف ووجود كل هذه القضايا وما يترتب عليها من شغل المحاكم في قضايا يمكن تلافيها بعرضها على جهات تنفيذية ذات صلاحيات في حل مثل هذه الأمور.
لقد اتجه بعض ملاك العقارات إلى استخدام السندات لأمر أو الكمبيالات أو الشيكات لتوثيق حقوقه لدى المستأجرين بحيث يمكن استخدام هذه السندات فورا أمام محاكم التنفيذ بدلا من عرضها على قاضي الموضوع، وفي هذا بلا شك إقحام للمدنيين في تحرير أوراق تجارية يجري العمل على استخدامها في الأعمال التجارية، ولكن المحاكم تقبل هذه الدعاوى وتفصل فيها على الوجه النظامي؛ لأن سندات التنفيذ لها قوة الأحكام القضائية الواجبة التنفيذ الفوري.
ولعل هناك دراسة جديدة وعملية تعيد شكاوى إخلاء العقارات وإيجاراتها إلى المحافظات والإمارات في المدن الرئيسة، حيث تكثر قضايا إيجارات العقارات السكنية والتجارية والاستثمارية لتخفيف العبء عن المحاكم العامة وكذلك محاكم التنفيذ وحفظ الوقت والجهد الذي يبذل من خلال المحاكم التي يحسن أن يبقى دورها في القضايا الأهم التي تتطلب جهدا في معرفة الحقيقة، ومن ثم الحكم بها بخلاف قضايا الإيجارات، فهي دعاوى يسيرة في إثباتها، حيث توجد عقود مقترنة بعدم السداد وهي حقيقة يسهل اكتشافها والفصل فيها دون إرباك المحاكم بما تتطلبه من جهد ووقت، فضلا عن الضرر الذي يلحق بملاك العقارات السكنية والتجارية.