التاريخ الإداري
لا يزال التاريخ الإداري للمملكة العربية السعودية بحاجة إلى مزيد من الدراسة، خاصة في فترة الملك عبدالعزيز والملك سعود، إذ إن هذا التاريخ بعدهما أصبح أكثر وضوحا نظرا لانتشار الصحف ووسائل الإعلام المختلفة، التي تسجل بدقة كل المراسيم والأوامر الملكية، ولأسباب أخرى.
ولو أخذنا على سبيل المثال تاريخ مجلس الوزراء في السنوات العشر الأولى من نشأته (1373- 1383هـ)، وهي في عهد الملك سعود فسنجد أن الصورة غير واضحة لكثير من الباحثين، فضلا عن عامة الناس، ولا يميزها جيدا إلا من تابع بدقة الأوامر الصادرة عن الملك، ونائبه، ورئيس مجلس الوزراء. فلقد شهدت تلك الفترة أربعة تشكيلات وزارية، أحدها لم يدم سوى أشهر، كما شهدت تغييرات داخل التشكيلات، وهذا ما جعل البعض، وربما كثيرين، يقعون في أخطاء عند كتابتهم موضوعا يتعلق بمجال حديثنا.
وكنت تناقشت مع الصديق محمد السيف، وهو لمن لا يعرفه مؤرخ مهتم بكتابة التاريخ الإداري في عهد الملك عبدالعزيز والملك سعود، ودقيق فيما يكتب، كما أنه أحد أهم كتاب السير السعوديين، بل وعلى مستوى العالم العربي، وله عديد من المؤلفات والبحوث في هذا المجال، من أشهرها كتابه "عبدالله الطريقي .. صخور النفط ورمال السياسة"، الذي يدون فيه سيرة وزير البترول السعودي الشهير، وصاحب فكرة منظمة أوبك، وكتابه "ناصر المنقور .. أشواك السياسة وغربة السفارة"، الذي يسجل تاريخ رجل إدارة وسياسة من الطراز الرفيع والنادر. وكفى بهذين الكتابين دليلا على القدرة الفائقة لدى محمد السيف في كتابة السير، على أن له مقالات مطولة دون فيها سيرة شخصيات أخرى، ونشر بعضها في صحيفة "الاقتصادية"، وجمعها في كتاب منشور يحمل عنوان "سيرتهم". حين تناقشت مع الصديق محمد السيف عن فترة السنوات العشر الأول من تاريخ مجلس الوزراء ووجدت لديه إلماما كبيرا ودقيقا بهذه الفترة، وأفدت منه كثيرا، وأوضح لي بعض الغوامض التي كانت خافية علي، وقد تعجبت من معرفته الدقيقة بهذه الفترة واستفسرت منه، وكم سرتني إجابته حين أخبرني أنه شرع في تأليف كتاب عن تاريخ مجلس الوزراء في تلك الفترة، وأنه على وشك الانتهاء منه. وكلي رجاء ألا يتأخر هذا الكتاب عن الصدور فنحن بحاجة ماسة إليه.