المشروع الأكبر عالميا يصب في «رؤية 2030»
مشروع أكبر مدينة ثقافية ورياضية وترفيهية الذي أعلن عنه ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المملكة، جاء في الوقت المناسب. فالسعودية بحاجة ماثلة إلى مثل هذه المشاريع، فكيف الحال والمشروع المعلن سيكون الأكبر ليس في المملكة فحسب بل على الساحة الإقليمية أيضا. ولهذه المشاريع فوائد وعوائد عدة، تشمل الاقتصاد، والمجتمع، والسياحة وقضاء الإجازات وغير ذلك. ولأن الأمر كذلك، فقد مثل هذا الإعلان المهم نقلة نوعية على الصعيد الاستراتيجي في السعودية، ولا سيما في عز حراك "ورشة" العمل الهائلة التي تشهدها المملكة، وتستهدف كل القطاعات، كما أنها تمضي قدما لتأسيس اقتصاد وطني جديد، يأخذ في الاعتبار التحولات الراهنة، وكذلك احتياجات الأجيال القادمة.
المدينة الثقافية والرياضية الترفيهية الكبرى، لن تكون مشروعا عاديا يختص بالمسمى العام لها. لأنها ببساطة سوف تسهم في تغيير المفهوم السياحي للسعوديين ككل، عن طريق توفير الأدوات اللازمة لرفع زخم السياحة المحلية - الوطنية. ومشروع كهذا، يكفل الثوابت الثقافية السعودية والعربية والإسلامية في آن معا، ما يحفز شرائح كبرى ليس في المملكة فقط بل في المنطقة ككل، لتخوض التجربة السياحية فيه. دون أن ننسى، أن بعض المناطق السياحية الخارجية، لا توفر الأسس الاجتماعية التي تتطلبها الأسر السعودية والعربية بشكل عام. بل إن بعضها يوفر خدمات تتعارض كليا مع الثقافة الإسلامية ككل. إنها فرصة أيضا لضمان الخدمات الترفيهية بالمعايير الراقية والمستقيمة أيضا.
مما لا شك فيه، أن العوائد الاقتصادية للمدينة المشار إليها ستكون كبيرة، لأن نسبة من الأموال التي كانت تنفق في الخارج ستتحول إلى الداخل السعودي، وهذا يشمل حتى المقيمين وليس السعوديين فحسب. يضاف إلى ذلك، أن المشروع سيوفر فرص عمل للسعوديين، باتت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى في المملكة ككل، وتدخل ضمن المحور الرئيس لـ"رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. مع ضرورة الإشارة، إلى أن المشروع سيكون خاضعا للمعايير الاقتصادية السعودية المفتوحة، أي أنه سيفسح المجال للاستثمارات الأجنبية فيه، ما يعزز بالطبع الجانب الخاص بالاستراتيجية الكبرى الذي يستهدف استقطاب مزيد من هذه الاستثمارات في كل القطاعات.
ولأن المشروع بهذا الحجم، فهو سيوفر الخدمات لكل الشرائح قاطبة، ولا سيما في المجالات التي يحمل اسمها الثقافية والرياضية والترفيهية، الأمر الذي يجعله مشروعا مستداما يعتمد بالدرجة الأولى على الحراك المحلي والإقليمي. دون أن ننسى، أن السعودية كانت تعاني في السابق قلة هذا النوع من المشاريع، على الرغم من تمتعها بامتيازات طبيعية وتمويلية كبرى. تستطيع السعودية من خلال هذه المشاريع أن تكون رقما رئيسا على الصعيد السياحي الترفيهي في المرحلة المقبلة في المنطقة. فهي ليست قادرة فقط على توفير خدمات بهذا الخصوص، بل قادرة أيضا، على تقديم الخيارات المطلوبة في المجالات المشار إليها. وهذه ميزات يفتقدها غير بلد إقليميا. بمعنى آخر، للمملكة القدرة على المضي بمشاريع كهذه من كل الزوايا، وفي مقدمتها الزاوية التمويلية.
كل ذلك يصب مباشرة في "رؤية المملكة 2030"، التي وضعت البلاد على طريق التطور والبناء، ومحاكاة المتغيرات بشكل عام، بما في ذلك بالطبع الوصول إلى المستوى المرجو لتنويع مصادر الدخل الوطني. فالسعودية تعرض 18 قطاعا على الأقل جاهزا للاستثمار الأجنبي، وتتمتع بسمعة ائتمانية باتت نادرة في زمن تتعرض فيه اقتصادات الدول إلى ضغوط هائلة، بما فيها البلدان المتقدمة.