خريجات جامعيات قديمات عاطلات

نبدأ بلا أي مقدمات، من إحصائيات تحكي واقع #خريجات_جامعيات_قديمات_عاطلات. تتحدث الأرقام "ولا شيء أصدق من الأرقام" عن عدد خريجات فاق ما نسبته 91 في المائة من الخريجين، وفي المقابل فاقت نسبة الوظائف الرجالية ضعف الوظائف النسائية بنسبة كبيرة. كما أوضحت الإحصائيات أن هناك أكثر من 1.5 مليون طالبة أعمارهن فوق 15 عاما سيطلبن وظائف خلال السنوات الثماني المقبلة، علاوة على أن عدد الخريجات من الجامعات السعودية والابتعاث يتجاوز عددهن سنويا 72 ألف خريجة ومعظمهن يبحثن عن عمل. ووفق برنامج "حافز"، فإن ما نسبته 80 في المائة من الباحثين عن العمل هم من النساء.
كشفت هذه الأرقام بجلاء وجود خلل هيكلي في سوق العمل السعودية، فلقد بلغت نسبة النساء العاملات في سوق العمل نحو 5 في المائة، منها 4 في المائة في القطاع الحكومي، ونحو 1 في المائة من إجمالي العاملين في القطاع الخاص، وهي نسبة متدنية جداً، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في عمل المرأة الذي لم يصبح اليوم ترفا، بل حاجة تنموية تفرضها حاجة الوطن إلى سواعد أبنائه وبناته، على حد سواء، وتفرضها التغيرات الاقتصادية التي جعلت المرأة شريكة للرجل في بناء اقتصاديات الأسرة الحديثة.
وبالعودة إلى الماضي القريب وسنينه الـ 30 الماضية، وبتأمل بسيط للتخطيط التنموي للمملكة خلال الفترة السابقة، خاصة المتصلة بسوق العمل وإتاحة فرص العمل للمرأة، سنجد أن الغاية النهائية ضلت الطريق في هذا الباب! فقد توسعت الجامعات وكليات البنات بشكل غير مسبوق وهذا حسنٌ بالطبع، ولكن الغاية النهائية لم تكن واضحة فيما يبدو، فهل كان المقصود التعليم لأجل التعليم أم المقصود مشاركة هؤلاء الخريجات فعليا في التنمية من خلال الوظيفة بعد التخرج؟
الحال اليوم هو ما يجيب عن هذا السؤال. أعداد خريجات هائلة يشكلن ضغطا على الرأي العام ويبحثن عن دور في مجتمعهن، ووظائف محدودة لا تستوعب كل هذا العدد؟! ولا حل يبدو في الأفق!

من يتحمل المسؤولية يا ترى؟
هل هي "الخدمة المدنية" أم وزارة العمل؟ أم من بالتحديد؟
الحقيقة أن المشكلة أصبحت مشكلة وطنية بامتياز، والحقيقة المرة الأخرى أن الحل لهذه المشكلة ليس بالسهولة المتوقعة، فقد تدخل عامل الإهمال والزمن وجعل منها قضية كبرى تحتاج إلى حلول ومبادرات خلاقة واستراتيجيات واضحة لإيجاد فرص وظيفية تستوعب الخريجات في المؤسسات الحكومية والخاصة.
ولعلي أشير إلى بعض المقترحات التي من شأنها الإسهام في حل هذه الإشكالية:
ـــ أزمة الخريجات العاطلات ذات بعد اقتصادي تنموي، وأفضل جهة يمكن أن تسهم في حلها وتؤثر في الجهات ذات العلاقة، مجلس الاقتصاد والتنمية بقيادة الأمير محمد بن سلمان ــ حفظه الله ــ ولي ولي العهد ورئيس هذا المجلس.
ـــ المشكلة وطنية خالصة ومتعددة الأطراف، وتحتاج إلى تضافر الجهود من أطراف عدة، والجلوس على طاولة واحدة للخروج بتوصيات فاعلة.
ـــ يجب ألا ينحصر التفكير فقط في فتح الفرص في الوظائف البسيطة، بل ينبغي البحث عن الفرص التي يمكن للمرأة من خلالها الإسهام في التنمية في مختلف القطاعات.
ـــ يمثل القطاع الخاص فرصة لعمل المرأة وبروز دورها، ويمكن تحفيز هذا القطاع لتوظيف الخريجات بحوافز حكومية معينة تزيد مع قوة الفرصة المتاحة.
ـــ التفكير في تأهيل الخريجات العاطلات في أسواق مختلفة خلاف السائد كالتعليم، فهناك مجالات جديدة خاصة في المجالين التقني والمهني يمكن أن تجد فيهما الخريجات فرصتهن ولو لم يكنَّ مؤهلات علميا على التخصص نفسه، فقد يسد التدريب المكثف والموجه تلك الفجوة ويتم التعلم على رأس العمل.
ـــ دعم الخريجات وتشجيعهن نحو السوق الحرة وبرامج ريادة الأعمال، وإقراضهن بشكل مدروس لتأسيس فرصهن التجارية الخاصة بهن.
كل هذه المقترحات من أجل تحريك الراكد في هذا الملف، وإلا فإنني على ثقة بما لدى المسؤولين لدينا من هم وتنوع في الحلول سيسهم في علاج هذه القضية الشائكة.
ولأن بنات وطننا يستحققن الكثير، ولأن هذا الوطن لا يقوم إلا على سواعد أبنائه، ولأنه كان وما زال منارة للخير، فقد كان هذا المقال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي