«يوم التقييم» .. لتحسين البيئة العقارية
منذ أن حضرت ورشة عمل إطلاق الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين في 2012، وكان رئيس مجلس إدارتها ومؤسسها آنذاك الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة السابق كانت الأحلام كبيرة للممارسين من الزملاء في هذا المجال الحساس "التقييم" والقطاع المهم "العقار"، أن يجدوا مظلة تطوّر من المهنة معرفيا وأكاديميا، وكذلك تحسّن من بيئة التقييم على مستوى السوق، وترتقي بالمهنة وتجعلها أكثر احتراما وتقديرا من قبل المجتمع والجهات التي تتعامل معها، وقد بذلت الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين جهودا تذكر فتشكر لرفع جودة المهنيين وقامت بعديد من الشراكات الاستراتيجية الدولية لتقديم أفضل الممارسات على مستوى العالم في مجال التقييم والبدء من حيث انتهى الآخرون، وبلا شك فكل عمل يعتريه الخطأ والاجتهاد وهذا ديدن العمل البشري، لكن اليوم وبعد مضي أكثر من خمس سنوات على ورشة العمل التي كانت الأفكار فيها كثيرة والأحلام كبيرة، نجد اليوم أننا نفخر كمقيمين بالإنجازات، وأصبح حلم احترام المهنة وممارستها واقعا نشهده لدى الجهات الحكومية والخاصة. يصح أن نطلق على يوم الأربعاء ما قبل الماضي "يوم التقييم"، حيث احتفل أهل هذه المهنة بالأعضاء المعتمدين في مجالي التقييم العقاري، وتقييم المنشآت الاقتصادية Business Valuation، كما أتمت الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين أول برنامج تدريب للمدربين في مجال التقييم العقاري الذي امتد لقرابة السنتين، استطاع من خلالهما نخبة من الكوادر السعودية اجتياز المقررات المهنية من 101 وحتى 116، ليتمكنوا من نقل المعرفة من خلال فهم الأسس النظرية والمعرفية وكذلك نقل التجارب العملية لممارستهم اليومية في مجال التقييم العقاري، ووجود المهنيين يعد خطوة مهمة ونقلة نوعية للسوق العقارية، ففي الدول المتقدمة يعتبر المحترفون والمهنيون العقاريون هم أهم الخبرة والمرجع للسوق وهم من يتولى غالبا إدارة الصناديق العقارية والشركات العقارية وقيادة القطاع، وهذا يعني أهمية أن تراعي الأنظمة المتعلقة بالمجال العقاري هذا التغير المهم، وأن تجعل لهؤلاء المهنيين المكانة اللازمة للرقي بالقطاع، ومن المفضل أن تنضج السوق حتى يتولى هؤلاء المهنيون زمام أمورها، ولا أبالغ إن طالبت بأن تشترط الجهات المنظمة مستقبلا أن يتولى المهنيون العقاريون أية وظيفة عقارية تمس مصالح عامة الناس مثل إدارة الصناديق العقارية المتداولة أو العامة، وكذلك إدارة الشركات المساهمة العامة العقارية، وأن تكون هناك اشتراطات مهنية تعد الحد الأدنى للكوادر البشرية التنفيذية التي تدير الاستثمارات العامة في القطاع العقاري، فلا يعقل أن يحيد المهنيون الحاصلون على الأساس المعرفي والخبرة العملية، ويتولى إدارة هذه الاستثمارات التي تمس المصلحة العامة أشخاص ليس لهم علاقة بالمجال العقاري من قريب أو بعيد، وهذا كذلك سيشجع من يريد الانخراط في السوق العقارية أن يحصل على التأهيل المهني المناسب حتى يتولى إدارة الاستثمارات العقارية باقتدار وحكمة ومعرفة بدقائق الأمور في هذا المجال، والحقيقة أن السوق تعاني حاليا اجتهادات لشركات وصناديق عقارية تعثرت وضيعت أموال المساهمين في أخطاء تعتبر واضحة وجلية للعقاري المهني، لكن من تولاها كان يتبع أسلوب التجربة والخطأ ومع الأسف حصلت المعاناة وضعفت الثقة بالسوق العقارية والاستثمار في الصناديق والشركات العقارية بسبب الاجتهادات التي يتبرأ منها كل عقاري محترف، والحقيقة أن المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق الجهات التنظيمية والتشريعية ومن أهمها الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين بترويج المهنة وتوضيح أهمية المعرفة والممارسة التي يحملها من أتم برامجهم العلمية والعملية، وكذلك المسؤولية تقع على الهيئة العامة للعقار لتعزز الاحترافية في المجال وترفع من مستوى العاملين فيه، وتضع المسارات المعرفية والمهنية التي تؤهل القائمين على الأعمال والخدمات العقارية، وتلزم السوق بها حتى ترتقي جودة المخرجات ويصبح القطاع العقاري أكثر نضجا واحترافية. الخلاصة، نقول شكرا لمن وقف خلف هذه الجهود المباركة في الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين، وشكرا لمن بذل من وقته وجهده وفكره متطوعا للرقي بالمجال والمهنة، ومع كل بذل من إنجازات ما زلنا كمهنيين نطمح إلى المزيد، ونرجو من المؤسسات والهيئات التي تتقاطع مع المجال العقاري أن تبذل كل ما في وسعها للتعاون لتحسين بيئة السوق العقارية، وما يشاهده العاملون في السوق حاليا من تغيرات وتوجهات تثلج الصدر، لكن نتمنى أن يكون التنفيذ مستقبلا أكثر جودة، وأهيب بالقائمين على هذه الهيئات الحرص على التواصل مع المبدعين في المجال وسماع آرائهم ومقترحاتهم والاجتماع الدائم بهم، فهناك زملاء مبدعون ومخلصون ومحبون للبذل والعطاء للرقي بالمهنة والقطاع العقاري والوطن قبل ذلك.