البيئة والتقنية وشبكات التواصل الجينية
يتسارع التطور التقني الذي يربط المجتمعات بعضها بعضا، وتتطور تلك الشبكات التقنية من مجرد منصات للتواصل الاجتماعي إلى منصات للتواصل المهني والعملي، إلى برامج وتطبيقات تجمع أفراد المنظمة أو وحدات العمل من أجل تحقيق أهدافها بسرعة والتواصل الآني، ولذا نتخيل مدى الاعتمادية الذي وصلنا إليه بالنسبة للعمل وتعلقنا المستمر والمتواصل بشبكات التواصل الاجتماعي ومدى تداخل تلك الشبكات التي أثرت في مستويات الخصوصية والوجود للأفراد، فنجد تلك التطبيقات مع تطور الذكاء الصناعي، قادرة على تحديد احتياجاتنا من الطعام، تذكيرنا بأوقات النوم، وتجدول مواعيدنا وتذكرنا بها، وتحسب عدد السعرات الحرارية التي تم حرقها، بل الأماكن التي تم الذهاب إليها وإذا ما حان الوقت للذهاب إلى المنزل حسب أنماط تصرفاتنا اليومية وحسب ما تسجله تلك البرامج من معلومات عنا ومحاولة إيجاد نوع من تحليل السلوك سواء من خلال موقعنا الجغرافي أو ما ندخله في منصات الأبحاث أو المواقع التي نتصفحها.
ومع تطور العلوم الطبية في مجال الجينوم تحديدا، من المرشح أن تتجلى شبكات تواصل اجتماعي مبنية على التشابه والتوافق الجيني، التي تجمع الأسر أو المجتمعات من أصل جيني مشترك ضمن حلقات تواصل، أو تجمع هؤلاء الذين يتوافقون جينيا في مجال الرياضة أو الفن أو مستوى ذكاء معين أو مكافحة لمرض معين أو العكس، وبالتالي نوع اتصال مبني على سمات الجينات وخصائصها، ويمكن أن نرى بعد ذلك رقما أو إشارة جينية، تحاول مواقع التواصل الاجتماعي أن تحصل عليها حتى تساعد في التقارب مثلا بين من يجمعون تشابها أو تكاملا جينيا وبالتالي إيجاد نوع جديد وأنماط جديدة للتواصل.
أحد التطورات المستقبلية كذلك التي ستوجد تحديا أمام الحكومات هو ما يتعلق بالنفايات التقنية. هل تساءلنا يوما عن الأجهزة القديمة التي كنا نستخدمها أين ذهبت؟ وإلى أين ستذهب الأجهزة التي سنقوم بالتخلص منها مستقبلا؟ أين ذهب ذلك التلفاز القديم أو حتى جهاز الفيديو؟ أو تلك الهواتف القديمة؟
إن التعامل مع النفايات التقنية، علم مهم جدا، ويبدو أحيانا من المحزن التحدث عن التعامل مع النفايات التقنية في وقت ما زال حرق النفايات التقليدية ممارسة مستمرة لدينا دون محاولة تحسين وتطوير ذلك عبر الفرز وعبر إيجاد آليات وخطط من أجل تحسين البيئة والصحة والتخلص وإعادة تدوير النفايات بشكل لا يهدد الصحة العامة وترك الممارسات التي تضر البيئة لا سيما في جنوب مدينة الرياض من حرق نفايات مستمر يضر بصحة المواطنين ويضر بسماء الرياض. إن استمرار نمط التعامل مع النفايات بذلك الشكل لن يساعد على تحقيق "رؤية 2030" وذلك بجعل مدينة الرياض مدينة تنافسية على مستوى العالم، حيث تلعب المؤشرات البيئية دورا مهما في ذلك، ناهيك عن صحة المجتمعات المحلية في جنوب الرياض التي تتأثر بذلك الحرق المستمر. وعودا على النفايات التقنية، هناك بعض الدول والممارسات العالمية التي حولت تلك النفايات التقنية إلى اختراعات أخرى، سواء باستخدام أحد المكونات أو إحدى مزايا المكونات لتلك الأجهزة أو بتفكيكها والاستفادة من المواد الخام الموجودة فيها وإعادة إنتاجها مرة أخرى عبر مصانع إعادة تدوير المكونات الداخلية.
من الفرص المستقبلية كذلك والخاصة بتحسين جودة البيئة في المملكة هي مبادرات زراعة الأسطح وهي مبادرات تهدف إلى تهيئة أسطح المنازل والبنايات من أجل إيجاد بيئة جميلة وطبيعية، وكذلك رئة تنفس لسماء المدن، وكذلك تحسين جودة الحياة عبر تواصل الإنسان مع الطبيعة واستغلال مساحات مهدرة أحيانا لإيجاد حياة.
يمكن الاستفادة من طرق الزراعة بالأصيص وتقنيات الري المختلفة أو الزراعة بالمياه، ذات التكاليف البسيطة، لإيجاد مساحات خضراء في أسطح الأبنية، التي ستزيد من جمال المكان وكذلك ستسهم في تخفيض حرارة الأسطح عبر تلك المشاريع البسيطة، والتجارب العالمية متميزة في ذلك ولا سيما التجربة الفرنسية في زراعة حدائق متميزة وبيئة خضراء في الأسطح. بالتأكيد لا يمكن إغفال عامل الجو، ومع ذلك يمكن تبني نماذج تتواءم مع البيئة لدينا واختيار أشجار وشجيرات يمكن لها التكيف مع تلك المبادرات.
يسهم التطور في تلك المبادرة في إيجاد اكتفاء ذاتي في بعض الخضراوات وكذلك الورقيات وسيسهم ذلك كذلك في اكتساب خبرات ومهارات متميزة للأسرة في المملكة.
وبالله التوفيق