أدوات دين محلية لتطوير البنية التحتية

الأعوام القليلة المقبلة ستشهد تغيرا كبيرا في أسعار الفائدة الأساسية، ما يزيد من جاذبية أدوات الدين لدى المستثمرين. أخص بالذكر أدوات الدين التي تعمل على تمويل مشاريع البنى التحتية. فهي من جهة طويلة الأجل وتوفر عائدا مجزيا لحاملها، ومن جهة أخرى مدعومة بأصول ملموسة يتم تشغيلها لخدمة الاقتصاد والمجتمع وخدمة الدين وسداد أصله. كل هذه الأمور إلى جانب عدم تحميل الميزانية العامة للدولة أعباء الإنفاق على هذه المشاريع وكذلك استخدام طروحات أدوات الدين لضبط وتوظيف أمثل للسيولة تجعل منها الخيار الأمثل لتمويل مشاريع البنى التحتية في المرحلة المقبلة.
لدى الاقتصاد السعودي عديد من الميزات النوعية التي يمكن الاستفادة منها لإطلاق برنامج تمويل يعتمد أدوات الدين لمشاريع البنية التحتية. أهم هذه الميزات هي السيولة الاستثمارية العالية المتوافرة في الاقتصاد، وهي تبحث بشكل حثيث عن عوائد مستقرة. وليس أدل على ذلك من استمرار تغطية طروحات صناديق الاستثمار العقارية الواحد تلو الآخر. فقد وفرت صناديق الاستثمار العقارية قناة استثمارية جديدة عالية العوائد، رغم أنها في تسعيرها وأدائها السعري تشبه الأسهم أكثر من أدوات الدين. جزء من الإقبال على الصناديق العقارية كان سببه وجود أصول ملموسة يمتلكها الصندوق. ونظرا لهذا التشابه الكبير، يمكن التوقع أن تلقى أدوات الدين إقبالا عاليا من المستثمرين المحليين الباحثين عن عوائد ثابتة لفترات طويلة.
الميزة الرئيسة الثانية للاقتصاد السعودي هو استقرار سعر الصرف أمام الدولار. الأمر الذي يتيح للمستثمر الأجنبي الاستثمار بسهولة في السوق السعودية مع الحد من مخاطر سعر الصرف. والحد من المخاطر هو أحد الأمور المهمة التي يبحث عنها المستثمر في أسواق الدين. فالمستثمر يرغب في الحصول على عائد يقابل كل المخاطر التي يتعرض لها. وبالتالي ستكون سوق أدوات الدين السعودية جذابة لهؤلاء المستثمرين في إصداراتها الدولارية أو بالريال السعودي. ونرى في الإقبال الكبير على سندات وصكوك الحكومة السعودية السيادية الدولارية ما يدعم الطلب على أدوات دين محلية. فهي تحمل درجة مخاطر أعلى بشكل محدود من السندات السيادية وستدفع عائدا أعلى. في حين أنها ستكون في الغالب مضمونة بشكل ضمني من قبل الحكومة.
يمكن لبرنامج أدوات الدين للاستثمار في البنية التحتية أن يعزز كفاءة وجودة المشاريع التي يتم إنشاؤها. كما سيعمل على ضبط المصاريف وتقنينها بشكل كبير. ولكن على الجانب الآخر، يمكن الاستفادة منه بزيادة اعتمادات المشاريع لتكون أكثر ذكاء وأعلى تقنية بشكل يضمن تكاملها مستقبلا مع تقنيات جديدة للطاقة المتجددة وشبكات الاتصالات العالية السرعة وقطاعات اقتصادية واعدة مثل القطاع اللوجستي. ولكن حتى يتم تحفيز العرض لهذه الأدوات، فمن الضروري رفع مستوى استقلالية وصناعة القرار على المستويات المحلية، حيث تكون المناطق أو الأمانات بالشراكة مع المجالس البلدية من تحديد المشاريع التي يتم إصدار أدوات الدين لتمويلها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي