تدريب المحامي والقاضي هل يكفي للممارسة المهنية؟

تم إعلان عدة برامج لإعداد المحامين السنة الماضية، وكذلك تم إطلاق مركز عدلي لتدريب القضاة وخلافه، والسؤال هل مثل هذه البرامج كافية لمنح الرخصة المهنية سواء للمحامين أو القضاة؟
بداية يجب أن أنوه أنه حتى الآن لا يوجد اختبار مهني لحمل الرخصة للمحامين، وكذلك القضاة لا يخضعون لاختبار كفاءات عند ترشيحهم حتى تاريخه، وهذا بلا شك يضعف من مخرجات المهنة القضائية وكذلك المحاماة، على الرغم من أن هذا الاختبار تعتمده أغلب النماذج المتقدمة ويكون دوريا كل خمس سنوات مثلا حتى على من اجتازه سابقا للتأكد من إدراك القوانين الحديثة.
هناك في أغلب دول العالم اختبار كفاءة متجدد كل فترة زمنية يخضع للممارسة العملية للقواعد القانونية من خلال القضايا على أرض الواقع، ومن خلال هذه الاختبارات يتم منح الرخص للممارسين، مثل الرخص الطبية على سبيل المثال، وهذه الاختبارات المهنية إذا كانت فعلا تركز على الجانبين العملي والمهني فقط فإنها يمكن أن ترفع من مستوى الكفاءة في القطاع العدلي ككل، وهي أيضا تعزز من الشفافية وتمنع المحاباة في التعيين وخلافه. جميع البرامج التي تهيئ للرخص العملية يجب ألا تكون تكرارا للدراسات الأكاديمية النظرية، بل يجب أن تكون في جميع محتواها مجرد ممارسات عملية لكيفية فهم الأنظمة وتطبيقها وتفسيرها وكيفية تفكيك القضايا فقهيا وقانونيا لتهيئة المتدرب، أما إذا كانت مجرد تكرار للدراسات الأكاديمية فأرى أنها لا فائدة منها، خصوصا إذا كان المدربون ليسوا ممن مارسوا المهنة وعايشوها واكتسبوا خبرة منها.
نقطة أخرى يجب ذكرها؛ وهي أن برامج التدريب المهني ليست بديلا عن اختبارات الكفاءة العملية إطلاقا، وهذا النوع من التدريب يمكن أن يساعد المتدرب في تجاوز مشاكل وصعوبات الاختبار المهني ولكن ليس بالضرورة أن المتدرب قد تجاوز تلك الصعوبات حتى يثبت ذلك من خلال النجاح في الاختبار العملي للكفاءة.
كتبت كثيرا عن ضرورة وجود اختبار كفاءة شفاف قبل ترشيح القضاة، وعلى سبيل المثال؛ في إنجلترا توجد جهة معينة تسمى لجنة التعيينات القضائية Judicial Appointments Commission JAC وهي جهة مستقلة عن الجهاز القضائي تعنى بهذا الموضوع، ومن ثم يصادق عليها الشخص الأعلى في الجهاز القضائي The Lord Chancellor، ولأي مواطن بريطاني أو أيرلندي أو من دول الكومنولث يحق له أن يتقدم ليصبح قاضيا، ما يحد من سلطة اللجنة في التحيز لمصلحة جهة أو فئة معينة. ويتم اختبار هذه القدرات من خلال اختبار تحريري وعملي ومقابلة شخصية. كما أن أعضاء تلك اللجنة ليسوا جميعا من القضاة، بل فيها تنوع من أكاديميين ومحامين ومختصين آخرين أكثر من النصف، حيث إن القضاء شأن يهم الجميع، وليس بالضرورة أن يكون قاضيا. وتوجد جهة أخرى مستقلة عنها Judicial Appointments and Conduct Ombudsman تعنى بمراقبة ودراسة الشكاوى في عمل اللجنة السابقة لضمان سلامة ونزاهة اختيار القضاة. هذه الحوكمة الدقيقة تضمن حدا جيدا من الشفافية والكفاءة في اختيار القضاة وأتمنى الاستفادة من مثل هذه التجارب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي