أهمية «التربلوماسي» لصناع القرار «1من 2»

تكمن أهمية التربلوماسي في أنها تدخل إلى جذور تكوين الدولة من حاكم وشعب وأرض ورابط اجتماعي، في كونها تحاول مخاطبة كل هذه المكونات، لتؤثر فيها ثم تؤثر في صناعة السياسة الخارجية للدول الأخرى، أو حتى لتغيير البنى المؤثرة فيها، عبر استخدام مؤسسات المجتمع المدني، أو قضايا حقوق الإنسان، وكذلك قضايا التنمية والبيئة. ولذلك، فإن استخدام تلك الأبعاد في عملية التربلوماسي يعمل على تعزيز مجالات وأدوات الدول في التأثير في الدول الأخرى، حتى إن لم تتوافر للدولة التي تستخدم مفهوم التربلوماسي القوة التقليدية على مستوى العلاقات الدولية.
والأهمية الأخرى للتربلوماسي، أنها تجد أبعادا أخرى للتأثير في البنى التقليدية للدولة، عبر التأثير في مكوناتها، مثل رجال الأعمال، ومؤسسات المجتمع المدني. وكما تشير الباحثة إيمان رجب "أصبحت منظمات المجتمع المدني طرفا مؤثرا في الدبلوماسية Triplomacy، على نحو منحها دورا في تحقيق أهداف السياسة الخارجية لدولها، خاصة فيما يتعلق بتغيير البنية الداخلية للدولة، والمجتمعات المضطربة، حيث لم يعد دورها مقتصرا على بث الرسائل، وتنظيم حملات الترويج، أو حتى الاتصال المباشر بالمسؤولين الأجانب الذين يخدمون أغراض السياسة الخارجية، فالأمر يتعلق أيضا ببناء العلاقات مع الجهات الفاعلة في المجتمع المدني في بلدان أخرى، وتيسير إنشاء الشبكات بين الأطراف غير الحكومية في الداخل والخارج".

أمثلة تطبيقية من الشرق الأوسط
من الأسئلة المهمة بالنسبة إلى الشرق الأوسط مسألة النفط. خذ - على سبيل المثال - مشهد الطاقة الدولية المتغيرة - وهي القضية التي لها انعكاسات خطيرة على البيئة والأمن، فإن التحول في إنتاج الطاقة، واستخدام أنماط الولايات المتحدة لتؤثر فقط في صناعة الطاقة، لكن سيكون لها أيضا تأثير كبير في البيئة، وأمريكا الشمالية والعالم. مثل، الولايات المتحدة تتخذ خطوات نحو الاستقلال في مجال الطاقة، ستثير أيضا تساؤلات حول الإنسان والأمن القومي في جميع أنحاء العالم، وسيؤدي مزيد من الطاقة إلى مزيد من الأمن والأضرار البيئية، وسيقلل الاستقلال في مجال الطاقة من التزام الولايات المتحدة بحماية الممرات البحرية الدولية. وإذا استمر فقر الموارد الصينية للحصول على إمدادات الطاقة من جميع أنحاء العالم، فإنها في مواجهة انسحاب القوات الأمريكية المحتملة، ستغتنم هذه الفرصة لتصبح المهيمنة في المحيط الهندي.
يمكن كذلك تخيل صناديق الدعم غير الحكومية كإحدى الوسائل التي تحفز التربلوماسي، كأداة غير حكومية تستطيع الولوج إلى المجتمعات عن طريق مبادرات التنمية، وإعادة بناء المناطق المنكوبة، ولا سيما في مناطق النزاع أو المتضررة طبيعيا.
قد يكون كذلك للمؤسسات غير الحكومية في إيران مثال آخر، وهي التي تحاول نشر التشيع، عبر برامج تنموية داخل إفريقيا، أسوة بحملات التبشير المؤسساتية، التي تحاول خلخلة البنى الاجتماعية المكونة لأساسات الدولة وأشكالها التقليدية، ليتم إدخال عوامل أخرى جديدة وغير تقليدية، تؤثر مع الوقت وعبر خطط توسعية في صنع مكونات القرار الحكومي... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي