السعودية اليوم وقبل 88 عاما
عاشت بلادنا أغلب عمرها التاريخي، إن لم يكن كله، في فقر وشح مدقع في الموارد الحياتية بفعل الجغرافيا والمناخ القاسيين، ولم تعرف الأمن الحقيقي والحياة المدنية، إلى درجة أن الغزاة كانوا يزهدون حتى في احتلال الجزء الأغلب من البلاد بسبب الفقر والجفاف، وكان كثير من الناس يلجأون إلى الهجرة كي يتمكنوا من العيش.
ومن الطبيعي أن تؤثر الجغرافيا في طبائع البشر وتصرفاتهم، إذ عاشت منطقتنا كثيرا من الحروب والتفرق والتشرذم! لم يكن يجمع الناس شيء، لا وطن ولا دولة، على الرغم من وحدة الدين واللغة!
وعندما يحاول الإنسان أن يتخيل كيفية الوضع فيما لو - لا سمح الله - لم توجد دولة قوية؛ فإن أقرب الحالات للتصور عندها هو رجوع الحالة السابقة من التفكك والتشرذم والتقاتل القبلي والطائفي! ستكون صورة سوداء من الفقر والجوع في كثير من الأماكن الخالية من أي موارد معيشية تمكن أهلها من الحياة! كما أن الأيديولوجيات المتطرفة المنتشرة في المنطقة ستفترس بلادنا بمجرد توافر ثغرة صغيرة ـــ لا سمح الله ـــ حتى لو حاول الناس اللجوء إلى الحياة البدائية بالزراعة والرعي؛ فإن موارد البلد لا يمكن أن تتحمل هذه الأعداد من الناس اليوم!
نعم، الحمد لله أن أيقظ لنا الملك المؤسس عبدالعزيز رحمه الله وقام بجمع شتات هذا الوطن وفرض الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي الذي لولاه لما أمكن أن تصل بلادنا إلى ما هي عليه الآن.
ما أصعب البناء والصبر على مشاقه وطول مراحله، وما أسهل أن تهدم بلدا كاملا في أيام معدودة! ولذلك فإن العقول الجاهلة كثيرا ما تميل بشكل لا إرادي نحو الهدم؛ لأنه أسهل عليها من البناء، التي قد تكون لا تمتلك قدرات البناء أصلا!
يجب أن يدرك الناس المدركات والإنجازات التي يتمتع بها بلدنا وأن يتعلموا مع حفظهم لأسمائهم كيف يحافظون عليه.
يجب أن نكرس اهتمامنا بتربية الأجيال على منجز الأمن والاستقرار في البلد، كما يجب أن ينمى الشعور الوطني الواحد، وتعزيز التماسك والوحدة الوطنية وتماسك الشعب بيد واحدة باختلاف مناطقه وتوجهاته وأطيافه، هذه ربما من أعظم منجزات الأجداد التي على أساسها نعيش ما نحن فيه اليوم، ولو فرطنا فيها يوما؛ فإن كل ما بناه الأجداد قد يذهب ويتلاشى ـــ لا سمح الله.
يجب أن يدرك الناس أن هذا البلد بعظمته لم يكن أجدادنا يوما يصل خيالهم إلى ما نحن عليه الآن! ووالله إن أخشى ما أخشاه على بلدي هو أولئك المتطرفون الذين ينفخون في النار ويسطحون المشاكل ويستخفون بالعقبات والعواقب، حرس الله بلادنا ووفق ولاة أمرنا لكل ما هو خير لهذا الوطن وأهله.