متى نتذوق علم الصيدلي السعودي؟
فخري بالصيدلي السعودي ليس له حد. السبب بسيط، هو أننا في السنة التحضيرية للكليات الصحية تجمعنا دراسة موحدة مع إخواننا الصيادلة، فقد عشنا معهم هموم الاختبارات وأفراح النجاح وعرفناهم عن قرب، حيث كانوا متميزين في أخلاقهم وعلمهم. وبدأ فخرنا بهم قبل تخرجهم، وقطفنا ثمار نجاحهم بتميزهم العلمي وأبحاثهم، إلا أن هذه الفرحة لم تدم طويلا، فلم نتذوق طعم ممارستهم الصيدلانية في أهم ساحة يحتك فيها المواطن بالصيدلي، وهي الصيدلية... كلنا نتذكر كيف هي شخصية وعلم الصيدلي الأوروبي، وقد شاهدناهم في سفرنا إذا زرنا صيدلية في أمريكا أو أوروبا وزادوا إعجابنا بهذا التخصص من غزارة علمهم ودقتهم. بصدق، كثير من الناس أحب هذا التخصص عن طريق مثل هؤلاء الصيادلة. واقع كثير من صيدلياتنا لا يرضي محبا، حيث إن بعض من تقابله في الصيدلية هو غالبا ممن يمارس مهنة البيع أكثر ممن يكون صيدليا... كيف أعرف ذلك؟ إذا طلبت منه علاجا مشهورا وتعثر ذلك الصيدلي في معرفته أعطاني معلومة خاطئة أو قديمة، ما يؤكد عدم مواكبة كثير منهم للمستجدات العلمية في علم الصيدلة. هل تعرفون كم إجمالي عدد الصيادلة غير السعوديين المصنفين من قبل الهيئة السعودية للتخصصات الصحية "على درجة صيدلي" بكالوريوس صيدلة؟ هو 20817. وهل تعرفون أن عدد الصيدليات في المملكة 8461 جميع من يعمل فيها غير سعوديين! وقد قفزت عدد كليات الصيدلة في السنوات الأخيرة إلى 28 كلية صيدلة، والمتوقع تخرجهم خلال السنوات الخمس المقبلة 12768. ولك أن تتخيل كم عدد الصيادلة السعوديين وكم عدد الباحثين عن عمل. قد لا يصدق بعض المخلصين هذه الأرقام، لكنها منقولة بالنص من محضر اجتماع واقع القوى العاملة الصحية السعودية عام 2018. هذا بالنسبة للمواطن من المحروم الاستفادة من تلك المخرجات الصحية. أما نحن معشر الأطباء فالمصيبة أعظم... لماذا؟. لأن ساعدنا الأيمن في النجاح هو الصيدلي، وخلال دراستنا في الخارج كان الصيدلي المثالي يزورنا بشكل مستمر، كي يثقفنا في أي علاج جديد، ودائما تجد أمامك قامة علمية قد يكون بعضهم شارك في أبحاث ذلك العلاج. وواقعنا في السعودية، أن مندوب العلاج هو مسوق أكثر من أن يكون مثقفا، ويكون كل همه أن يسوق هذا المنتج، حتى معلوماته تجدها سطحية وتسويقية. وقلة منهم يحاول أن يرشي الطبيب بهدية وسفرة لمؤتمر بشرط أن يصرف هذا العلاج، وقد نصادف قليلا من أصحاب النفوس الضعيفة الذين يصرفون كثيرا من العلاجات غير المفيدة في سبيل أن يستمتعوا بما يريدون، والضحية هو المريض. أكاد أجزم أن نسبة مندوبي الأدوية 100 في المائة غير سعوديين، ولا توجد عندي إحصائية كم عددهم، لعدم إمكانية إحصائهم، لكنهم مؤكد بالألوف. سؤالي، أين إخواننا الصيادلة من هذه المواقع المهمة؟ لماذا تخلى إخواننا الصيادلة عن الدفاع عن مهنتهم؟ حيث نلاحظ أن كثيرا منهم انخرطوا بعيدا عن علم الصيدلة، وهجروا مهنتهم، وبعضهم اختاروا السلك الإداري، وأبدع كثير منهم في هذا المجال، لكن يا ليتهم خدموا مهنتهم من خلال المنصة الإدارية. أطالب عاجلا.. توطين الصيدليات ومندوبي الأدوية "وأعرف أن قرارا قد صدر قبل عدة أيام بتوطين المندوبين، لكن المطلوب هو التطبيق والمتابعة" بسعوديين أنا متأكد أنهم سيبدعون ويعيدون ثقة المواطن والطبيب بالصيدلي السعودي. ومع قرار التوطين يجب إلزام أصحاب الصيدليات بحد أدنى من سلّم الرواتب يضاهي ما هو موجود في الحكومة، كي تكون البيئة جاذبة لهم. أخيرا، يجب ألا ننسى المخلصين من الصيادلة السعوديين وغيرهم - وهم كثر ولله الحمد - وأشكرهم باسم جميع زملائي الأطباء على ما قدموه من خدمة لهذا الوطن للرفع من مستوى الثقافة العلاجية. استشاري الأمراض الجلدية