مناهج اللغة العربية .. خطوة منتظرة
أعلنت وزارة التعليم قبل أيام، إعادة مادتي "الخط والإملاء" إلى المرحلة الابتدائية، في خطوة جاءت استجابة لمتطلبات تربوية واجتماعية كثيرة، بعد تردي نتائج مخرجات مناهج "اللغة العربية الجديدة"، التي تم العمل بها خلال السنوات الخمس السابقة. وقد سبق لي الكتابة هنا قبل عامين عن ضرورة إعادة النظر في مناهج اللغة العربية، التي تدرس الآن في مدارسنا، وتم اختصارها في منهج واحد اسمه "لغتي"، وهو منهج ركيك ومتواضع، ولا يتناسب مع أهمية تعليم اللغة العربية ولا مكانتها.
وما زلت أرى أن العودة إلى المناهج القديمة هي الحل المناسب لمشاكل المخرجات الحالية، التي أنتجت جيلا لا يجيد معظمه القراءة ولا الكتابة السليمة. فالمناهج القديمة كانت مقسمة إلى أربع مواد، هي "القواعد" و"القراءة والنصوص" و"الخط والتعبير"، وكان لكل مادة منها منهج مستقل، ولكل منها حصص محددة في خطة التدريس؛ حيث تأخذ نصيبها التام من الجهد والشرح والتدريس والاختبار. أما المنهج الحالي الذي جاء باجتهاد من لجان التطوير السابقة بدمجه واختصاره، فلم يؤت ثماره التي كان يتصورها المخططون من حيث القوة وجودة المخرجات، فضلا عن ضعف التطبيق في الميدان التربوي، ما جعل المنهج عرضة للتجارب والاجتهادات الفردية، وليس بحسب التخطيط المنهجي المتبع في منظومة المناهج السابقة.
حاول المنهج الجديد أن يجعل من الطالب منطلقا لأنشطته، لكن غاب عن المخططين ضعف التطبيق، وتداخل الأفكار بشكل يصعب معه استيعابها، وهو لا يتناسب مع تعليم اللغة العربية التي تحتاج إلى الصبر والشرح التوسعي، وزاد الأمر سوءا تكدس المدارس بأعداد كبيرة، تجعل من تطبيق نظريات المنهج الجديد أمرا بالغ الصعوبة؛ حيث الحاجة إلى أعداد قليلة من الطلاب، ووقت كاف لتنفيذ كل نشاط كما يجب.
وقد كانت الشكوى من المنهج الجديد من قبل المعلمين وقادة المدارس والطلاب أنفسهم كثيرة ومتراكمة، وشارك مثقفون وأكاديميون في إبراز النتائج السلبية لمخرجات المنهج الجديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ووصلت إلى الآباء والأمهات، الذين وجدوا معاناة بالغة في فهم وشرح هذا المنهج المبهم، الذي يتطلب من الطالب تفكيكه؛ ليستوعب ما هو مطلوب منه، ولم يستطع أغلب أولياء الأمور أن يضيف إلى ابنه شيئا في المنهج الجديد، بعكس المناهج القديمة التي كان التفاعل معها من خلال الأسرة كبيرا؛ لوضوحها ومعرفة المطلوب بمرونة ويسر.
كما بادرت وزارة التعليم مشكورة إلى إعادة مادتي الخط والإملاء، فأتمنى أن يكتمل تفاعلها بإعادة بقية المناهج القديمة، التي عرفت بقوة مخرجاتها على مدى أكثر من 30 عاما، وشملت "مادة القواعد، التعبير، القراءة والنصوص"، وأن يتم تدريسها وفق الخطة السابقة التي كانت تعطي كل مادة وقتها الكافي من الحصص الدراسية طوال العام، وما يصاحبها من أنشطة وواجبات واختبارات. فاللغة العربية ثروتنا التي تستحق أكثر من ذلك.