ميزانية تاريخية في أرقامها ونوعيتها

أعلن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز خلال ترؤسه جلسة مجلس الوزراء، أمس، الميزانية العامة للسعودية لعام 2019، بإنفاق غير مسبوق بلغ 1.106 تريليون ريال، وهو ما يجعلنا نقف أمام ميزانية توسعية رغم التذبذب الحاد في أسعار النفط، وانخفاضها بأكثر من 30 في المائة خلال الأشهر الأخيرة.
هذه الميزانية التريليونة، التي تعلن لأول مرة في تاريخ السعودية، تهدف إلى دعم النمو الاقتصادي، ورفع كفاءة الإنفاق، وتحقيق الاستدامة والاستقرار المالي ضمن "رؤية 2030"، الأمر الذي أكده خادم الحرمين الشريفين في كلمته التي ألقاها خلال جلسة مجلس الوزراء عند إعلان ميزانية العام الجديد.
وبالطبع، هذه الميزانية ليست الأعلى في تاريخ المملكة كـ"ميزانية مقدرة" فحسب، بل هي أيضا تاريخية في نوعيتها وشموليتها، فقد ارتفعت فيها مساهمة الإيرادات غير النفطية بشكل كبير، وتراجعت حصة الإيرادات النفطية، وهي التي كانت تمول في السابق 90 في المائة فيها، وهو ما يجعلنا نتلمس ونرى نجاحات "رؤية السعودية الطموحة 2030"، الهادفة إلى تنويع مصادر الدخل، وتنويع الاقتصاد، وتخفيف الاعتماد على النفط على أرض الواقع وبأعيننا، فقد ارتفعت مساهمة الإيرادات غير النفطية في الموازنة من 12 في المائة خلال 2014 إلى 32 في المائة خلال ميزانية 2018، وهو ما يعني ارتفاع المساهمة بأدنى من 200 في المائة بقليل، وهو لا شك رقم كبير يدل على نجاح الإصلاحات، التي سنتها حكومة خادم الحرمين الشريفين في السنوات القليلة الماضية، والتي بدأنا نجني ثمارها الآن.
اللافت أيضا في الموازنة هو الارتفاع المتوقع للإيرادات عموما، وقد نشهد التريليون بنهاية العام المقبل، رغم تراجع أسعار النفط؛ حيث قدرت الإيرادات لعام 2019 بنحو 975 مليار ريال، بارتفاع أكثر 9 في المائة عن ميزانية 2018، وتراجع العجز إلى 131 مليار ريال.
أيضا ثمة أمور لا يمكن أن نغفل عنها ونتجاوزها عند الحديث عن الميزانية، ألا وهي الشفافية والإفصاح التي تنتهجها وزارة المالية مع الإعلام أو الرأي العام، حيث شرعت منذ نحو عام في تنفيذ مبادرات مهمة، مثل صدور التقارير ربع السنوية عن أداء الميزانية العامة، إضافة إلى صدور البيان التمهيدي في سبتمبر الماضي، في خطوة نوعية لم تشهدها السعودية في السابق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي