نظرة فارقة في الاقتصاد العالمي
هناك ثلاثة مجالات لها الأولوية في التحرك المطلوب لمواصلة العمل الدؤوب، منذ أكثر من قرن كامل للمساعدة في تعزيز الحلم الأمريكي. وهناك كثير من القواسم المشتركة بين الغرفة وصندوق النقد الدولي. فكلاهما يكتسب منظورا دوليا؛ وكلاهما يدعو إلى توثيق التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص؛ وفوق ذلك كله، كلاهما لديه التزام عميق بتشجيع النمو والوظائف والفرص للجميع.
ولهذا فإن هذا المكان هو الأنسب لمناقشة كيفية جعل النمو أكثر استدامة واحتواء للجميع؛ وكيف يمكن الحد من التوترات التجارية؟ وكيف يمكن تعزيز الثقة – في الاقتصاد والمؤسسات – والاطمئنان إليهما؟
هذه أيضا قضايا سيناقشها وزراء المالية ومحافظو البنوك المركزية الأسبوع المقبل في اجتماعات الربيع التي يعقدها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن العاصمة.
سيتصدون لمشهد اقتصادي متغير يعلق أهمية كبرى على اتخاذ النوع الصحيح من الإجراءات على صعيد السياسات.
وكما قال الرئيس ثيودور روزفلت ذات مرة: "لدينا كل الأسباب لكي نواجه المستقبل بجدية، دون أن نخفي عن أنفسنا جسامة المشكلات أو نخشى الاقتراب منها بإصرار لا يلين ولا يتزعزع حتى نتوصل إلى حلها بالشكل الصحيح".
وأود التركيز هنا على كيفية الاستفادة من هذا "الإصرار الذي يلين" لما فيه مصلحة الجميع.
الاقتصاد العالمي.. لحظة فارقة
واسمحوا لي أن أبدأ بخريطة الأحوال الجوية للاقتصاد العالمي. قلت منذ عام إن "الشمس مشرقة – فلنعمل على إصلاح السقف". ومنذ ستة أشهر أشرت إلى غيوم المخاطر البادية في الأفق. واليوم، نشهد "عدم استقرار" متزايدا في الأحوال الجوية. فما الذي أعنيه بذلك؟
في كانون الثاني (يناير)، توقع الصندوق نموا عالميا لعامي 2019 و2020 يبلغ نحو 3.5 في المائة - أقل مما كان عليه في الماضي القريب، ولكنه معقول. ومنذ ذلك الحين، فقد النمو مزيدا من الزخم، كما سترون في تنبؤاتنا المعدلة الأسبوع المقبل.
ومنذ عامين فقط، حدث انتعاش في 75 في المائة من الاقتصاد العالمي. وبالنسبة للعام الجاري، نتوقع أن يمر 70 في المائة من الاقتصاد العالمي بحالة تباطؤ النشاط.
ولكن، للتوضيح، نحن لا نتوقع ركودا على المدى القصير. بل نتوقع بعض التحسن في النمو خلال النصف الثاني من 2019 يستمر حتى 2020.
ترون إذا ما أعنيه بإشارتي إلى "عدم الاستقرار". فالاقتصاد العالمي يمر بالفعل "بلحظة فارقة".
ويرجع تباطؤ النمو العالمي أخيرا في معظمه إلى تزايد التوترات التجارية وتشديد الأوضاع المالية في النصف الثاني من 2018. وفي الوقت نفسه، فإن النشاط الاقتصادي العالمي مهيأ للاستفادة من الوتيرة التي أصبحت أكثر تأنيا في العودة إلى السياسة النقدية العادية لدى البنوك المركزية الكبرى – بقيادة الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة – ومن زيادة الدفعة التنشيطية، في الصين على سبيل المثال.
وقد أدت هذه الإجراءات المتخذة على صعيد السياسات إلى دعم تيسير الأوضاع المالية وزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى الأسواق الصاعدة، حيث ارتفعت أسعار العملات مقابل الدولار الأمريكي.
ولكن، مرة أخرى، أقول على سبيل التوضيح إن التعافي المتوقع في النمو العالمي أواخر هذا العام هو تعاف محفوف بالمخاطر. فهو معرض لمخاطر تطورات سلبية – بما في ذلك جوانب عدم اليقين ذات الخصوصية القُطْرية، مثل خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، وجوانب عدم يقين أوسع نطاقا كالدين المرتفع في بعض القطاعات والبلدان، والتوترات المتعلقة بالسياسة التجارية، والشعور بالقلق في الأسواق المالية.
فعلى سبيل المثال: إذا ما تم تشديد الأوضاع المالية بدرجة أكثر حدة مما تشير التوقعات، يمكن أن تنشأ تحديات كبيرة أمام كثير من الحكومات والشركات من حيث إعادة التمويل وخدمة الدين، ما يمكن أن يضخم حركات سعر الصرف وعمليات التصحيح في الأسواق المالية.