«الشورى» يقر نظام الإقامة المميزة للحد من الاقتصاد الخفي والتستر التجاري
وافق مجلس الشورى السعودي أمس على مشروع نظام الإقامة المميزة التي تخص المقيمين في السعودية، وذلك بعد موافقة 76 عضوا من أعضاء المجلس مقابل معارضة 55 عضوا.
ووفق التفاصيل المتاحة حول نظام الإقامة المميزة فإنه يتفرع إلى فرعين، هما إقامة دائمة غير محددة المدة وإقامة مؤقتة لسنة واحدة قابلة للتجديد، ويتضمن النظام دفع رسوم خاصة تحددها اللائحة التنفيذية وإنشاء مركز يسمى مركز الإقامة المميزة.
ويتضح من معالم هذا النظام الرغبة في القضاء على بعض أوجه التستر، والدفع بعجلة الاقتصاد والنشاط التجاري للتوسع والشفافية، والمساهمة في الحد من ظاهرة "الاقتصاد الخفي"، إذ يشير مشروع النظام إلى منح المقيم مزايا، منها الإقامة مع أسرته واستصدار زيارة للأقارب واستقدام العمالة وامتلاك العقار وامتلاك وسائل النقل وغير ذلك، كما يسمح لحملة الإقامة المميزة بحرية الخروج من المملكة والعودة إليها ذاتيا، ومزاولة التجارة، وتكون الإقامة إما لمدة غير محددة وإما مجددة بسنة قابلة للتجديد.
ويتضمن النظام شروطا لمنح الإقامة المميزة في المملكة أبرزها وجود جواز ساري المفعول مع وجود الملاءة المادية وتقرير صحي يثبت خلوه من الأمراض المعدية بما لا يتعارض مع الأنظمة المعمول بها، وسجل جنائي خال من السوابق، ولا يقل العمر عن 21 عاما، وإن كان داخل المملكة إقامة نظامية، وسجل جنائي، وتقرير صحي يثبت خلو المقيم من الأمراض المعدية بما لا يتعارض مع الأنظمة المعمول بها.
وفي هذا الصدد أوضح الدكتور يحيى بن عبدالله الصمعان، مساعد رئيس مجلس الشورى، أن المجلس اتخذ قراره بعد أن اطلع على وجهة نظر لجنة الشؤون الأمنية بشأن ملحوظات الأعضاء وآرائهم التي أبدوها في جلسة سابقة تجاه مشروع نظام الإقامة المميزة، قدمها اللواء علي العسيري، رئيس اللجنة.
من جهته، قال فهد بن جمعة، اقتصادي سعودي وعضو مجلس الشورى، إن هذا المشروع يعد عامل جذب لاستثمارات المقيمين ممن لديهم إمكانات مالية، حيث يتم منحهم إقامة مميزة كما هو مطبق في كثير من دول العالم.
وأضاف "هذا يعني أن هؤلاء المقيمين سيستثمرون داخل البلد، ما سيسمح أيضا بتوظيف السعوديين، وهذا هدف آخر وقيمة اقتصادية مضافة من ناحية الاستثمار أو التوظيف".
وطالب ابن جمعة بقصر هذه الإقامة على الأفراد الذين يحققون إضافة للاقتصاد المحلي والتوظيف، مشيرا إلى أن من مصلحة الاقتصاد السعودي أن تدار أموال هذه الفئة بطريقة شرعية، ما سيسهم في الحد من ظاهرة الاقتصاد الخفي والتستر التجاري.
وتابع "ستتحول هذه الأموال من الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي، وهذا معناه أنهم سيدفعون ضرائب، ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد السعودي. وهناك علاقة اقتصادية مباشرة وغير مباشرة، وفي المقابل سيحصل على كل المزايا التي يتمتع بها المواطن والمستثمر السعودي".
وأكد ابن جمعة أن إقرار الشورى هذا المشروع كان مطلبا لتحويل نشاط الوافدين من الاقتصاد غير الرسمي، مثل السيطرة على محال التموينات والسوبر ماركت إلى اقتصاد رسمي يدفعون عليه ضرائب، كما أنه يسمح للدولة بمعرفة الحوالات ومداخيل هذه الفئة.
الدكتور إحسان بوحليقة، عضو مجلس الشورى السابق، يؤكد من جهته أن نظام الإقامة المميزة في السعودية حدث له تبعات إيجابية عديدة، بسبب استقطابه ممولين وأشخاصا ذوي كفاءة مالية وخبرة عالية وقياديين ليس فقط في مجال الاستثمارات، بل حتى أفكارا تؤدي إلى المساهمة في تنويع الاقتصاد السعودي.
ونوه بوحليقة إلى أن النظام سيحل عديدا من الحالات التي يلجأ فيها المستثمر إلى التستر، وتلحق ضررا كبيرا بالاقتصاد، نتيجة العمل غير المنظم ووجود مالك اسمي ومالك فعلي لهذه الاستثمارات، كما أنه قد يمارس أنشطة أخرى غير المدرجة، مشيرا إلى أن هذا النظام سيمنع أي سبب للتستر وسيوسع الإقبال على العيش في المملكة والاستثمار فيها.
في المقابل، قال إبراهيم العمر، محلل اقتصادي، "في ظني أن الاقتصاد الوطني منذ مدة طويلة ينتظر مثل هذا النظام المنتشر بشكل واسع في كثير من دول الاقتصاد الحر لما له من آثار تشغيلية وإنتاجية إيجابية على الاقتصاد الكلي".
وأوضح العمر أن من الآثار المترتبة على النظام الجديد، تقليص الاقتصاد الخفي والتستر، موضحا أن بعض الأجانب الآن في المملكة يعملون وفق منظومة غير نظامية أقرب إلى السرية والتخفي ما يتبع ذلك من متاجرة غير نظامية وتشغيل غير نظامي وتحويل غير نظامي كبير للمدخرات والفوائض النقدية.
وأضاف "الأمر الآخر أن مثل هذا القرار سيسهم في الاستفادة من رواد الأعمال الأجانب وخبراتهم التي لا يستهان بها، إذ إن كثيرا من الشركات العالمية اليوم ذات التأثير الكبير في اقتصادات بلدانها نشأت من رواد أعمال غير مواطنين، لكنها أسهمت بشكل كبير في التشغيل والإنتاج الوطني، فضلا عن المساهمة في تشغيل العمالة الوطنية وزيادة التشغيل على المستوى الوطني، وكذلك تحسين خبراتها بالتعامل مع الخبرات الأجنبية بشكل مباشر".
من ناحيته، توقع عبدالله الربدي، عضو مجلس الجمعية المالية السعودية، أن يكون للنظام الجديد أثر إيجابي على الاقتصاد من عدة نواح، أهمها المساعدة في القضاء على التستر التجاري بعد أن يكون وجود المقيم نظاميا ويمارس أعماله بشكل مستقر.
وأضاف الربدي، أن نظام الإقامة المميزة سيساعد على استقرار رؤوس الأموال داخل المملكة وتحريكها في الاقتصاد الوطني، فعندما يكون المستثمر يعلم أن لديه إقامة بشكل مستقر والأنظمة واضحة، لا يحتاج إلى إخراج أمواله وسيحافظ عليها داخل المملكة ويدورها داخل الاقتصاد السعودي.