قائمة الشركات العالمية الكبرى
تصدر مجلة «فورتشن» الأمريكية قائمة سنوية بأكبر 500 شركة على مستوى العالم. وتصدرت القائمة هذا العام 2019 شركة وولمارت الأمريكية بإيرادات بلغت 514 مليار دولار. وجاءت شركة ساينوبك الصينية في المركز الثاني، ثم شركات شل والنفط الصينية والشبكة الكهربائية الصينية في المراكز الثلاثة التالية على التوالي. وحلت شركة أرامكو في المركز السادس بإيرادات وصلت إلى 356 مليار دولار. وقد استحوذت شركات الطاقة والنفط على سبعة مراكز من العشرة مراكز الأولى في قائمة أكبر الشركات العالمية.
من ناحية الدول، جاءت الولايات المتحدة في المركز الأول في عدد الشركات الكبرى بعدد 121 شركة، واقتربت الصين منها في المركز الثاني بعدد 119 شركة. أما إذا أضيفت تايوان إلى الصين فسيصل عدد الشركات الصينية إلى 129 شركة، ما يمكن الأمة الصينية من تبوأ المركز الأول في عدد الشركات العالمية الكبرى. وهو مؤشر قوي إلى قوة التنافس الاقتصادي بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين وتعاظم وقوة اقتصادهما. جاءت اليابان في المركز الثالث بعدد الشركات الكبرى "52 شركة" ثم فرنسا "31 شركة" ثم ألمانيا "29 شركة". ويلاحظ من ترتيب الدول في عدد الشركات الكبرى ترابطه القوي مع القوة والضخامة الاقتصادية لدول العالم. وهذا مؤشر إلى أهمية مساهمة الشركات الكبرى في التنمية وضرورة دعم نموها في رفع ناتج الدول ومعدلات دخول الأفراد.
يلاحظ عند مقارنة قائمة الشركات الأكبر على مستوى العالم عبر الأعوام تسارع التغيرات في العقود الأخيرة، حيث يفقد معظم الشركات مراكزه في القائمة مع مرور الزمن والتطورات التقنية، والفروق الكبيرة في معدلات نمو دول العالم، والمنافسة الاقتصادية المتصاعدة. وحدث تباين كبير بين القائمة الحالية وقائمة منتصف الخمسينيات، حيث لم يظل في القائمة الحالية إلا نحو عشر الشركات التي كانت موجودة قبل 65 عاما. وهو تغير كبير ودليل على أن الحجم وحده ليس شرطا كافيا لاستمرار ونمو وبقاء الشركات. وقد أفلس بعض الشركات الكبرى مع مرور الوقت أو تراجع حجمها أو تم الاستحواذ عليها من شركات أخرى. إن قوى التدمير الخلاق في الأسواق والتطاحن بين الاقتصادات العالمية لا ترحم الضعفاء أو من تظهر عليه مظاهر الضعف، حيث تقتنص الفرص للاستحواذ على الشركات الضعيفة أو التي تهتز مكانتها أو تدمر بسبب المنافسة العادلة وغير العادلة، والسياسات الخاطئة أو المعادية للحكومات، أو سوء إدارتها، ما يخرجها من الأسواق.
تقود التغيرات التقنية لبروز شركات جديدة وعملاقة تحل محل الشركات التي تتخلف عن التطوير التقني واستخدامات التقنية، وقد تدمر التغيرات التقنية صناعات كاملة وتخرجها من الأسواق أو تقود إلى اضمحلالها، ما يهمش شركات تلك الصناعات التي لا تتجاوب بالسرعة الكافية والمناسبة مع التطورات التقنية والاقتصادية وتخرجها من المراكز الكبرى أو حتى من الوجود. إن قوى التدمير الخلاق في الأسواق والتطورات التقنية المتلاحقة تسرع من تغيير حجم ومراكز الشركات، ولهذا سيختفي جزء من الشركات في القائمة الحالية خلال عقد أو عقدين من الزمن. وتشير تطورات الشركات إلى أن البحث المستمر عن رضا المستهلك وتقديم منتجات بأفضل جودة ممكنة وخدمته بأقل التكاليف يعظم إيرادات الشركات، وهو أحد مفاتيح البقاء في قائمة الشركات الكبرى.
رتبت قائمة الشركات حسب معيار واحد هو الإيرادات، ما قد يعده البعض غير كاف لترتيب الشركات حيث يتأثر حجم الإيرادات بطبيعة الصناعة التي تعمل فيها الشركة. وقد كان حلول شركة وولمارت في المركز الأول راجعا بدرجة كبيرة إلى طبيعة القطاع الذي تعمل فيه وهو قطاع مبيعات التجزئة حيث يتطلب تدويرا عاليا لتحقيق الأرباح. وتشير أحدث بيانات الشركة إلى أن تحقيق ربح دولار واحد للشركة يتطلب إيرادات بنحو 77 دولارا. من جهة أخرى فإن قطاع الشركة يحتاج إلى أياد عاملة كثيرة، ما جعلها أكبر شركة في توظيف العمالة على مستوى العالم, حيث يعمل فيها أكثر من مليوني شخص. وهذا يؤكد أن تطوير قطاعات الخدمات ونموها هو الأكثر كفاءة في زيادة التوظيف وخفض معدلات البطالة. وتشير بيانات القائمة أيضا إلى انخفاض مستويات توظيف شركات الطاقة لاعتمادها الكبير على الإنفاق الرأسمالي والموارد في الإنتاج.
ضمت القائمة شركتين سعوديتين هما "أرامكو" و"سابك" حيث حلت "أرامكو" في المركز السادس عالميا بينما جاءت "سابك" في المركز الـ252، أما باقي الدول العربية فلم تحظ بأي شركات في القائمة وهذا عائد إلى ضعف اقتصاداتها مقارنة بدول العالم. ولو رتبت الشركات الكبرى العالمية حسب الأرباح لتربعت شركة أرامكو على رأس قامة أكبر الشركات العالمية وبأرباح تزيد على 110 مليارات دولار، ثم لأتت بعدها بمراحل شركة أبل في المركز الثاني وبربح وصل إلى نحو 60 مليار دولار. وقد توافقت البيانات الواردة في القائمة عن "أرامكو" مع بيانات الشركة لعام 2018. أما لو رتبت الشركات حسب الأصول فستحتل المصارف رأس القائمة بسبب إيداعات العملاء فيها التي لا تعود للمصارف لهذا فإن أخذ هذا المعيار في الترتيب متحيز للمصارف ويضخم كثيرا من ترتيبها.