الرياض .. المستقبل والتحول الاقتصادي
تشهد الرياض تحولات اقتصادية وتنموية كبيرة. تحولات ستجعل لمن عاش هذه التحولات كثيرا ليرويه للأجيال المقبلة، وإذا كنا نسمع من آبائنا بعضا من صور الحياة التي عاشتها الرياض، وكأنها الحلم، نظرا لحجم التطور الذي قاده أبناء الملك عبد العزيز المؤسس، والنقلة الحضارية التي نفذوها في وقت قصير جدا من عمر الزمن، الآن يأتي أحفاد الملك المؤسس ليقودوا بدورهم نقلة حضارية ستكون الأضخم، وتنقل الرياض إلى مصاف مدن المستقبل التي تحتفظ بكثير من عقمها الحضاري، وفق ما أسسته “رؤية المملكة 2030” من قواعد العمق الحضاري والإسلامي.
ففي العام الماضي تم تدشين مشاريع الرياض الكبرى، التي شملت حديقة الملك سلمان الأكبر في العالم التي تقع في وسط مدينة الرياض، وتنطلق منها “مشاريع الرياض الخضراء” و”مشاريع المسار الرياضي” و”مشروع الرياض آرت”. وهذه المشاريع بضخامتها تحتاج إلى تطوير شامل للطرق والمنافع العامة التي ترتبط ببعضها لتصبح الرياض لوحة حضارية من الفنون والمتاحف العالمية، وستكون متنفسا للمدينة وقاعدة جذب استثماري لا نظير لها. وتنفيذا لهذه المشاريع بهذا التصور الذي يجب أن تكون عليه، صدر الأمر الملكي بتحويل هيئة تطوير الرياض إلى هيئة ملكية في مجلس إدارة يرأسه الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء، ولتستعيد الرياض شبابها وتستعد لمرحلة جديدة بجميع تفاصيلها، ولن تكون الرياض التي عاشت القرن الـ20 هي الرياض التي تعيش القرن الـ21 قرن الثورة الصناعية الرابعة والروبوتات وفنون ما بعد الحداثة.
بهذه التصورات للرياض الجديدة كليا، وجه ولي العهد رئيس مجلس إدارة الهيئة الملكية لتطوير مدينة الرياض بتطوير محاور الطرق الدائرية والرئيسة في المدينة، والربط بين أجزائها للارتقاء بمستوى منظومة النقل فيها، وقبل الحديث عن الآثار الاقتصادية الرئيسة، المباشرة وغير المباشرة، لهذه التوجيهات الكريمة، فإن الرياض التي بدأ خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان قصة بنائها الحضاري الحديث منذ كان حاكما لها، تفخر اليوم بحدائقها الكبرى التي سيرتبط اسمه باسمها وإلى الأبد، وكما كان يقال إن جميع الطرق تؤدي إلى روما فإنه سيقال قريبا مع مشاريع الربط التي وجه بها ولي العهد إن كل الطرق تؤدي الى حدائق الملك سلمان، فالمشروع المزمع تنفيذه سيطور 400 كيلومتر من عناصر شبكة الطرق، عبر إضافة طرق جديدة تربط المحاور بعضها بعضا وتنقل الحركة بسهولة من محور ومن اتجاه إلى آخر، بما يشمل الطرق الدائرية، والمحاور المتقاطعة، وإذا اضفنا إلى هذه المشاريع ما يتم إنجازه من المراحل الأخيرة لمشروع قطار الرياض، تتكامل اللوحة الفنية لتصبح الرياض مركز العالم في المستقبل لتقوم بدورها القيادي كإحدى حواضر العالم الكبرى، وبما يعزز مكانتها الاقتصادية.
وإذا كانت “رؤية المملكة 2030” تعزز مفهوم جودة الحياة فإن النقل وسرعة التنقل من أهم قواعد هذه الجودة، كما أن إطلاق مشاريع الطرق سيضيف كثيرا من الوظائف، ومساهمة الناتج المحلي ستضاف إلى ما وعدت به مشاريع الرياض الكبرى من التي تستهدف وحدها إيجاد أكثر من 70 ألف فرصة عمل جديدة للمواطنين في مختلف القطاعات، كما ستوفر فرصا تقدر قيمتها بأكثر من نحو 50 مليار ريال.