في مواجهة أزمتين .. اختلف التعاون الاقتصادي عالميا «1 من 2»
خسر الاقتصاد العالمي خلال أزمة تفشي "كورونا" على مدى الأشهر الثلاثة أكثر من 2.7 تريليون دولار "بلومبيرج"، وهو رقم كبير في مدة زمنية قصيرة لم يشهدها العالم منذ الأزمة المالية عام 2008. وقالت وكالة التصنيف الائتماني، التي تحدد الجدارة الائتمانية للحكومات والشركات في جميع أنحاء العالم، 17 مارس، إن الفيروس عرقل بشدة النشاط الاقتصادي - بشكل أكبر بكثير من التقديرات السابقة. وقالت إن الأضرار التي لحقت بالنشاط الاقتصادي على وشك أن تتفاقم في الولايات المتحدة وأوروبا. وتشير البيانات الأولية من الصين إلى أن اقتصادها تضرر أكثر مما كان متوقعا، على الرغم من أن الاستقرار المؤقت قد بدأ فيها. وتسير معظم دول العالم على مسار مشابه، حيث تشير القيود المتزايدة على التنقل، سواء محليا أو دوليا إلى انهيار الطلب الذي سيقلل النشاط بشكل حاد في الربع الثاني، وذلك بسبب أزمة تفشي الفيروس التاجي الذي كان له أثر في تعطيل معظم قطاعات الإنتاج الصناعية وقطاع النقل البحري، والجوي، والبري، وبالتالي انخفاض حاد في الطلب على النفط، ليتبعه بعد ذلك عدم الوصول إلى اتفاق بين دول "أوبك+". في ظل التعنت الروسي بالإخلال بمنظومة تعاون منتجي النفط، ما أدى إلى انهيار أسعار النفط.
عندما انهار الاقتصاد العالمي في عام 2008، أنشأ قادة العالم بسرعة المنتدى الاقتصادي الدولي لتعزيز الاقتصادات من خلال مجموعة العشرين، وأدى إلى إنفاق المزيد والحفاظ على التجارة مفتوحة. وأعلنت البنوك المركزية عن تخفيض سعر الفائدة في غضون ثوان من بعضها بعضا. لكن في الأزمة الحالية، تبدو مقاربة الدول للصدمة الاقتصادية الناتجة عن تفشي الفيروس التاجي مختلفة تماما.
مع انعكاسات أزمة "كورونا" على الاقتصاد العالمي، يتم اتخاذ كثير من الإجراءات - معظمها في كثير من الأحيان دون أي تنسيق أو اتخاذ قرار جماعي لمواجهة هذا المرض وانعكاساته على الاقتصاد، ما قد يرفع من تأثير الأزمة ويتسبب في انهيار الأسواق، حيث ظهرت خطط التحفيز المالي بشكل منفصل وبشكل تدريجي.
تاريخ 18 مارس أصاب المرض أكثر من 203 آلاف شخص حول العالم، معظم أسبابه أعراض خفيفة أو معتدلة فقط. بالنسبة إلى البعض، خاصة كبار السن والمرضى، يمكن أن يسبب مرضا أكثر خطورة. ولقي ما يزيد على ثمانية آلاف شخص حتفهم حتى الآن وتعافى 82 ألفا آخرين.
يوم الإثنين 16 مارس، تحدث قادة مجموعة الدول الصناعية السبع - الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا وكندا واليابان وألمانيا -، وفقا لتغريدة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. لتوضيح ما الإجراءات أو الالتزامات الناتجة عن ذلك، أجاب أنه لا يزال هناك عدم وضوح. ما انعكس على الأسواق المالية. ومنذ ذلك الحين، انخفضت المؤشرات الرئيسة بأكبر قدر منذ انهيار السوق في عام 1987 وما زالت متقلبة بشكل غير معتاد.
إن اتخاذ سياسات جديدة دون وجود تنسيق بين الدول يختلف عما تم خلال الأزمة المالية العالمية 2008، عندما أعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي، والبنك المركزي الأوروبي، وبنك إنجلترا، وبنك كندا وأعضاء مجموعة العشرين مثل السعودية وآخرين، خفض سعر الفائدة بنصف نقطة مئوية في وقت واحد في الثامن من أكتوبر 2008 . لا يتلاءم النهج التدريجي الحالي بشكل جيد مع كيفية التعامل مع الأزمات السابقة، فهناك حاجة إلى استجابة عالمية تؤدي إلى تفهم السوق أن هناك نوعا من التنسيق العالمي. إن أحد أسباب تعافي الاقتصاد العالمي قبل عشرة أعوام كان بسبب التعاون الدولي. لقد نسقوا سياساتهم معا - من الصين إلى الولايات المتحدة إلى باقي جميع أعضاء مجموعة العشرين بهدف التعاون الدولي لحل الأزمة الاقتصادية العالمية.
وخلال الأيام السابقة وردة الفعل على عدم التنسيق وفشل القرارات الفردية، قامت السعودية ممثلة في ولي العهد، بالتواصل بكونها دولة الرئاسة لمجموعة العشرين لعام 2020 مع قادة العالم. بعد غياب أي تنسيق بين الزعماء، حيث تقوم المملكة كرئيس لمجموعة العشرين بدورها المهم والتواصل مع القادة للتنسيق وعقد اجتماع للوصول إلى سياسات على مستوى الحدث.
على الرغم من أن السياسة النقدية والمالية التي تم أخذها من عديد من الدول كان لها تأثير محدود كونها ضد أزمة طبية، حيث لا يمكنها إعادة فتح الأعمال المغلقة لمنع انتشار الفيروس. لكن الدعم الحكومي المنسق للاقتصاد له تأثير أقوى والقيام بذلك معا يعني تعزيز جميع الجوانب، وسيقوم صانعو السياسات بتعظيم تأثير الثقة وفاعلية تدابيرهم من خلال البيان الختامي لمجموعة العشرين، الذي يوضح أن هناك جهودا مشتركة ومتناسقة وجدية مع الحدث... "يتبع".