العطر المخبوء
تعلمت من صديق عادة جميلة جدا. يقوم هذا الصديق بارتداء أجمل ثيابه حتى في منزله.
يرش على جسده أزكى العطور قبل أن ينام، كأنه سيخرج الآن. يؤمن بأن هذه السلوكيات تجعله يحب ذاته أكثر. تتحول تدريجيا إلى صفة دائمة بسبب كثرة الممارسة.
سألته مرة عن سبب استخدامه أفضل الأطباق في منزله وهو لا يستضيف أحدا. أجابني إجابة جديرة بالاهتمام والقراءة. يقول: "عندما تحب شخصا تظهر أمامه بأجمل هيئة. وعندما تدعوه تخرج من أجله أغلى الأطباق. فهل هناك أقرب وأعز علينا من ذواتنا؟".
إجابته جعلتني أعيد ترتيب عديد من الأشياء. وأراجع كثيرا من القناعات. أولها أن التأنق والأناقة ليست للناس بل لك في المقام الأول. أشهى الأطباق وأزكى العطور يجب أن تكافئ نفسك بها قبل الآخرين. أنت الأولى والأهم.
إننا بخلاء مع أنفسنا. قساة مع ذواتنا. على الرغم من كل ما تبذله من أجلنا ننسى أن نهديها ما تستحقه. نجعلها في آخر اهتماماتنا.
كلما أكرمنا أنفسنا أكرمتنا. كلما بادلنا تضحياتنا وعملنا بالدلال والاهتمام حققنا مزيدا من النجاحات والانتصارات.
لا تقتصد مع نفسك، امنحها ما يليق بها لتمنحك ما يليق بك.
إذا أردت أن تتقن شيئا كرره. أعده كثيرا حتى يعتادك ويألفك ويصبح جزءا منك. حينما نشاهد شخصا أنيقا نعتقد أنه تكبد وقتا طويلا ليقوم بذلك، بينما الحقيقة أنه لم ينفق الوقت المديد كما نتصور ونتخيل.
فهو أصبح يجيد الأناقة. اعتاد عليها فأمست جزءا أصيلا من شخصيته وشخصه.
بات يقوم بها بسلاسة ومرونة وسرعة.
أعط نفسك بسخاء، فالأشياء الصغيرة لا تكلف شيئا، لكن تسعد كثيرا.
أنصف نفسك. أهدها وأسعدها. ولا تنتظر أن ينصفك أحد.
أكثر الناس سعادة هم الذين يصنعونها بأنفسهم. لا ينتظرون هبات الآخرين لينتشوا ويفرحوا.
وتذكر أن كل أناقة خارجية خلفها أناقة داخلية تحركها وتقودها وتشعلها.
لا تظلم نفسك فتنطفئ وتظلم.