فن الترجل
كل فرد منا معرض للترجل والرحيل، سواء عن علاقة أو منظومة أو مكان.
الترجل له أصول وبروتوكولات تعكس شخصية المرء وفروسيته.
الرحيل كالدواء مر، لكن لا بد منه. ينبغي أن نتجرعه وفق وصفة دقيقة حتى لا تسوء حالتنا.
لفن الوداع أسلوب، لا بد أن نتبعه بمهارة وكفاءة، حتى نقلل من أعراضه الجانبية قدر الإمكان.
برأيي هناك خطوات جيدة من المناسب أن نتخذها، لنجعل الرحيل أقل ألما:
أولا: التدرج، للتدرج دهشة وسحر كبيران، يجعلان الأمور أكثر قبولا وتقبلا.
الرحيل نبأ سيء. أرجوك لا تجعله صادما فتعمق الهوة والوجع.
كيف تخفف من وطأته؟ مارسه مرحليا لتقلل آثاره نسبيا. يترك ندوبا، لكنه لا يسفر عن نزيف عميق لا يمكن إيقافه.
ثانيا: التوقيت، تذكر اللحظات الجميلة التي ستتركها خلفك. لا تختتمها بلحظة مخيبة. بعض الأوقات لا تقبل أي انصراف أو مغادرة.
لحظات تتطلب وجودك بقضك وقضيضك. لا تجهز على أحبتك ورفاقك وتباغتهم فجأة. تأكد من الانصراف في وقت غير عصيب. دعهم يتذكرون نبلك أكثر من رحيلك.
ثالثا: تمسك بالمسك، احرص على أن يكون ختامها مسكا. أنت ستذهب. لقد اتخذت قرارك. لست في حاجة إلى تبرير موقفك وترجلك. الكل يعلم ما تود أن تقوله وتفشيه. لا تفشه. احتفظ به. ليحتفظوا بك صورة جميلة.
النهايات ترسخ في الذاكرة والروح. إن لم نستطع أن نجعلها نهاية سعيدة فلا نجعلها تعيسة. قد تبدأ معهم من جديد يوما. قد تلتقي بهم أو تتقاطع معهم لاحقا. كن صاحب السيرة العطرة والنهايات الهادئة.
رابعا: اعزف رسالة، اكتب رسالة طيبة. مليئة بالتقدير للأشياء الحلوة التي مرت عليك قبل أن تحمل أمتعتك وتغادر. اسردها نقاطا. ستترك عطرا، صدقني.
كل شيء سيزول. سيبقى الحرف والأثر والعطر.
ترجل برفق.