البوابات الرقمية والشفافية واستخدام البيانات «2 من 2»

مع ظهور مزيد ومزيد من الأشياء في الأسواق عبر الإنترنت، بدأ المستخدمون يواجهون صعوبات في العثور على ما يبحثون عنه، لأنهم لم يكن بوسعهم التصفح عبر الخيارات بالطريقة ذاتها التي يستخدمها المرء عند التسوق في المتجر الفعلي. لمعالجة هذه المشكلة طورت المنصات عبر الإنترنت خوارزميات البحث ومحركات التوصية التي لا تعتمد على تصفح المستخدمين فرادى وتاريخ المشتريات فحسب، بل أيضا على البيانات السلوكية من جميع المستخدمين الآخرين. ثم طرأ مزيد من التحسن على هذه الخوارزميات بفضل التقدم في الذكاء الاصطناعي والزيادات في حجم وجودة البيانات. تشكل محركات البحث والتوصية حلا جزئيا لمشكلة المضاهاة، وهي تعمل بالتالي كمصدر رئيس لأداء الأسواق عبر الإنترنت. وهي تضيف القيمة لكل من المشترين والبائعين، وتعمل على تعزيز حجم المعاملات بشكل كبير، خاصة لمصلحة البائعين والعلامات التجارية الأقل شهرة.
ولأنها متاحة على نطاق واسع والوصول إليها غير مكلف، فقد ساعدت المعلومات عبر الإنترنت فضلا عن ذلك على التقليل من عدم تجانس المعلومات خارج نطاق التجارة الإلكترونية. على سبيل المثال، طرأت تحولات أيضا على أسواق السيارات، والرعاية الصحية، والتأمين، حتى في العالم غير المتصل بالإنترنت، ما يجعل المستهلكين أفضل اطلاعا وأكثر تمكينا في التعامل مع البائعين.
يتعلق تحد معلوماتي أخير بالقدرة على الوصول، وتحديدا منح المستهلكين هويات يمكن الوصول إليها عبر الإنترنت وسجلات إنجاز تشير إلى جاذبيتهم كأطراف مقابلة في مجموعة متنوعة من سياقات السوق.
يعـد الائتمان مثالا جيدا هنا. في العالم غير المتصل بالإنترنت، لكل شخص أو شركة سجل إنجاز وتاريخ مالي يمكن استخدامهما افتراضيا لدعم أسواق الائتمان أو التأمين. تكمن المشكلة في أن هذه السجلات غير المتصلة بالإنترنت تميل إلى أن تكون مبعثرة ولا يمكن الوصول إليها، في حين أنها في الاقتصاد الرقمي خاصة بعد الانتشار القوي للمدفوعات عبر الأجهزة المحمولة والتجارة الإلكترونية أصبح من السهل استرجاعها وأصبحت مفيدة بدرجة أكبر كثيرا. والبيانات، مثلها في ذلك كمثل المعرفة، ليست تنافسية، فاستخدامها لا يقلل من قيمتها لمزيد من الاستخدام أو استخدامها من قبل أطراف متعددة.
كما يمكن استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقييم وتسعير الائتمان للأفراد والشركات دون ضمانات وقليل من الاتصال المسبق مع الاقتصاد التقليدي غير الرقمي والقطاعات المالية. وكما هي الحال في أنظمة التقييم القائمة على المنصات، يجري تقليص الفجوات المعلوماتية وتحسين الحوافز، في حين يجري توسيع قدرة الأسر والشركات الصغيرة على الوصول إلى الأسواق.
باختصار، تطورت الأسواق الرقمية القائمة على البيانات من مجاهدة الفجوات المعلوماتية إلى الحصول على كثافة معلوماتية أعلى من نظيراتها غير المتصلة بالإنترنت، ما يترك عددا أقل من الفجوات المعلوماتية وأوجه عدم الانسجام. وتسمح إمكانية الوصول إلى البيانات الرقمية بنشوء آليات فحص جديدة وسلوكيات معبرة لا وجود لها غالبا في العالم غير المتصل بالإنترنت.
بطبيعة الحال، لا تخلو مخازن البيانات التي يمكن الوصول إليها من مخاطر حقيقية وكثيرا ما أخضعت للمناقشة، ومن الأهمية بمكان معالجة هذه المخاطر من أجل تحقيق الكفاءات المحتملة وفوائد الشمولية المعروضة.
في نهاية المطاف، يجب أن تكون المؤسسات بما في ذلك الحكومات التي تجمع البيانات وتعمل كحراس للبوابات الرقمية محل ثقة أيضا. كحد أدنى يجب أن تكون خاضعة لضوابط تنظيمية قابلة للتنفيذ وتقدم تعريفات واضحة لحقوق الأفراد فيما يتصل بالشفافية، واستخدام البيانات، والخصوصية، والأمن. وهنا ربما يكون بوسعنا أن نقول: إننا نحرز تقدما، لكن الطريق لا تزال أمامنا طويلة.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2020.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي