العد التنازلي للانتخابات الأمريكية يفضح تنظيم الإخوان وتآمره

العد التنازلي للانتخابات الأمريكية يفضح تنظيم الإخوان وتآمره
العد التنازلي للانتخابات الأمريكية يفضح تنظيم الإخوان وتآمره

سقطت ورقة التوت وماتت دودة القز، بعد انكشاف زيف العلاقة ما بين إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وجماعة الإخوان المسلمين، التي انكشفت تفاصيلها في تسريبات البريد الإلكتروني لهيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس أوباما، ولم تشفع المليارات القطرية لإخفاء فداحة المعلومات المتعلقة بالطابور الخامس، التي مكنت تنظيم الإخوان من الوصول إلى السلطة في مصر عام 2012، إذ مكنت إدارة الرئيس أوباما بتمويل قطري وسماسرة النفوذ الإقليمي التركي من ثورات عارمة في دول عربية عدة أسقطت أنظمتها باسم الحرية والعدالة، لكن سرعان ما تحولت الحرية، التي أوجدتها قوى الشر الإخوانية إلى حروب أهلية دمرت النسيج الاجتماعي لدول عربية عدة، أدخلتها نفقا مظلما لن تخرجها منه عشرات الأعوام من العلاج والاستطباب السياسي والتنازلات المبنية على التفاهم الشعبي، بعد أن تمكن المال القذر والمرتزقة الإرهابيون من تفتيت الأوطان وجعل إرادتها بقرار تركي أو فارسي، توج على إثرها توسع تركي إيراني في أراض عربية، برخصة نووية وقعها الرئيس أوباما في 2015 مع إيران، ليفرج خلال الاتفاق عن عشرات مليارات الدولارات المجمدة بسبب عقوبات سابقة، لتنتهك طهران على إثرها حرمة اليمن وشرعيتها، إضافة إلى سورية ولبنان والعراق، ولأن الغرق غير مشروط بالماء، كانت تركيا تمارس الدمار ذاته لكن بعدائية أقل، وشرعية أكبر، منحتها إياها قناة الجزيرة حينها وحتى هذه اللحظة، فليس المهم الأوطان إنما المهم الوصول إلى السيطرة الكاملة على الدول، لأخونة ما يمكن أخونته من الشعوب وتخديرها، ونهب تاريخها وحاضرها ومستقبلها، لمصلحة عدو جثم على صدر هذه الأمة مئات الأعوام.
تطرقت التسريبات الأخيرة لوثيقة الرئيس أوباما رقم 11 المعنية بتمكين الإخوان المسلمين، التي نصت في تفاصيلها منذ 2007 على اختيار سفراء ذوي صلة وعلاقة وثيقة بشخصيات مرتبطة بجماعات الإسلام السياسي والإخوان المسلمين، وتحديدا في مصر، الأردن، سورية، لبنان، ليبيا، اليمن، الجزائر، والمغرب، لإيجاد منهجية سياسية تخضع لها كليا، وهي الدول التي تعرضت لأحد السيناريوهين، إما اليقظة والانتباه أو التسليم واتخاذ حسن النوايا، ومع الأسف عند التعامل مع جهات تحمل أجندات ومشاريع سياسية سوداء فلا مجال لحسن النوايا، والعواطف الساذجة، ولأن لليقظة ثمنا باهظا، تأتيك الصفعة على قدر الغفلة، إذ واجه بعض الدول، الذي تساهل مع التمدد الإخواني دمار منظومته الداخلية والخارجية وانهيار مؤسساته، وضياع مستقبله، إذ كانت العواقب وخيمة والثمن نزيفا وطنيا مستمرا، شمل في سلسلة ضياعه القتلى والجرحى والدمار والتشريد، لكن الدول التي تصدت لهذا المشروع واتبعت السيناريو الأول تمكنت من العبور إلى بر الأمان، لتعيش المنطقة بعد انتهاء حقبة إدارة الرئيس أوباما هزيمة نكراء للإخوان وأذرعهم في المنقطة، إضافة إلى هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، وتحرير أراض سورية وعراقية جثم على صدرها تحت اسم الدولة الإسلامية في الشام والعراق.
نفضت الرسائل المسربة الغبار عن علاقة رفيعة بين إدارة الرئيس أوباما وتنظيم الإخوان، حيث كانت المستشارة هوما عابدين، مساعدة هيلاري كلينتون التي أدارت حملتها الانتخابية ومساعدتها أثناء توليها منصب وزيرة الخارجية، همزة الوصل بينها بين الإخوان لعلاقتها الجيدة والوطيدة بهم، بهدف إعادة تشكيل دول المنطقة العربية برؤية أمريكية على شكل دويلات صغيرة نوعية يسهل التحكم فيها، من خلال مساعدة جماعات الإسلام السياسي المنتشرة في المنطقة وعلى رأسها تنظيم الإخوان، الذي يعد - بحسب إحدى الوثائق الاستراتيجية السرية، الصادرة عن البيت الأبيض - جماعة الإخوان "البديل المعتدل" عن الجماعات الإسلامية الأكثر تطرفا مثل تنظيمي القاعدة، وداعش، عقب تفشي الإرهاب الأيديولوجي، لإسقاط الأنظمة واستبدالها بأخرى تابعة للولايات المتحدة، بعد تدريب عناصرها وتمويلهم عبر مؤسسات أمريكية مثل "فريدم هاوس" أو"أمتيور" الصربية، أو"أكاديمية التغيير" في لندن ثم في الدوحة، من خلال توطين مشروع "النهضة" الإخواني الممتد لنحو 30 عاما، مرسخا أهداف وأحلام وتعاليم الإخوان، لبسط سيطرتهم على مؤسسات الدول وتغيير سياساتها.
علاقة الاختراق بين البيت الأبيض المحسوب على الديمقراطيين وتنظيم الإخوان متبادلة، فالمصالح، التي جمعتهم على مائدة الدول العربية والسيطرة عليها لم تنبع من منطلق المصالح الأمريكية البحتة بشكل مطلق، كما هي العادة، إنما من منطلق تبادلي، إذ تمكن الإخوان من اختراق البيت الأبيض بوصول ممثلهم الإريتيري الأصل عبدالرحمن العمودي مكانة رفيعة هناك ضمن إدارة الرئيس أوباما، إضافة إلى سهيل خان، الشخصية المؤثرة آنذاك في البيت الأبيض، المعروف بانتمائه إلى جماعة الإخوان، الذي شغل منصبا كبيرا في مكتب الاتصال العام، الذي مكنه من توجيه التبرعات إلى خزينة الإخوان لتنفيذ مشاريعهم ومخططاتهم. فدولة بحجم الولايات المتحدة الأمريكية تؤثر فيها جماعة بحجم الإخوان مدعاة للسخرية، حيث سبق اعتماد نهج جديد للتعامل مع العالم الإسلامي، اعتمده رشاد حسين، الذي شغل منصب مبعوث إدارة أوباما لمنظمة المؤتمر الإسلامي، وهو المؤثر الأهم في كتابة خطاب الرئيس أوباما في القاهرة 2009، الذي كانت أبرز ملامحه الاعتراف بجماعة الإخوان المسلمين، وإظهار رغبتها لاحقا في مد جسور التقارب والتعامل مع إسرائيل، وهي ذاتها التي تهاجم دولا عربية اليوم، آثرت السلام مع إسرائيل على ضم 30 في المائة من أراض عربية في الضفة الغربية.
يرى الإخوان ومعهم الإيرانيون بصيص أمل في الانتخابات الأمريكية الحالية، وما سينتج عنها في حال نجح المرشح الديمقراطي جو بايدن، على الرغم من تهديده المتواصل للنظام التركي، إلا أن صمته غير مبرر تجاه مواصلة النظام التركي استفزازاته في منطقة شرق المتوسط، خصوصا بعد عودة سفينة التنقيب "أوروتش ريس" إلى المياه الإقليمية، التي حملت بهذه العودة رسالة استفزازية للدول الأوروبية، كما أن الجهود التركية المدعومة إخوانيا وممولة قطريا مستمرة، ولأن السكوت علامة الرضا لم يعلق المرشح الديمقراطي بايدن على الدعم التركي لأذربيجان في حربها ضد أرمينيا، إضافة إلى تغاضيه عما يجري من أحداث في ليبيا، من خلال الدعم التركي لحكومة الوفاق، التي جلبت الخراب والدمار للبلاد، على الرغم من دعوات حلفاء واشنطن المقربين بضرورة كبح جماح سياسات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فيما ستكشف الأيام المقبلة النهج الحقيقي الذي ستتبعه الإدارة الأمريكية في حال فوز جو بايدن، فإما أن يكون استكمالا لنهج إدارة الرئيس أوباما، أو تصحيح الأخطاء، بوضع حد للدور الإخواني في المنطقة، كدرس وعبرة مستفادة من الأخطاء السابقة.

الأكثر قراءة