التصدي لكورونا ومؤشر رأس المال البشري «2 من 2»
في الوقت الذي تتطلع فيه الدول إلى حماية الناس والاستثمار فيهم وتمهيد الطريق لمستقبل أفضل للأطفال، نحتاج إلى تدابير طموحة مبنية على الشواهد والأدلة على صعيد السياسات تعالج قضايا رأس المال البشري المهمة، بما في ذلك الصحة ومعدلات البقاء على قيد الحياة والحد من التقزم وإتاحة التعليم. على سبيل المثال، تهدف برامجنا التعليمية إلى مساعدة الدول على استئناف العملية التعليمية من خلال توفير معدات الوقاية من فيروس كورونا لجعل إعادة فتح المدارس أكثر أمانا، ومساندة عملية التعلم الأكثر فاعلية عن بعد عند الضرورة. وفي الأردن، نساند تطوير المحتوى التلفزيوني والرقمي للتدريس والتعلم المختلط للعام الدراسي الجديد، إضافة إلى تقديم المشورة والدورات التعويضية ودروس التقوية. وفي بنجلادش وبوركينا فاسو ونيبال، نساند وضع بروتوكولات السلامة والنظافة المدرسية وتوفير اللوازم الأساسية للصرف الصحي والنظافة الشخصية.
وبشأن مؤشرات الدين بالعمل مع صندوق النقد الدولي، نحقق حاليا تقدما في مجال شفافية الديون وتخفيف أعبائها، ونهدف من ذلك إلى تمكين الدول من إيجاد حيز مالي لسداد الديون وتوجيهه إلى حيث تشتد الحاجة إليه، بما في ذلك التعليم والصحة وشبكات الأمان الاجتماعي.
وكانت مجموعة العشرين برئاسة السعودية قد أعلنت في أيار (مايو) من هذا العام تأجيل سداد الديون للحسابات الثنائية الرسمية. وقد حقق ذلك نجاحا جزئيا، وهو خطوة أولى جيدة في توفير سيولة نقدية لتخفيف الأعباء للدول، وفي حين أن مبادرة تعليق مدفوعات خدمة الديون قد أتاحت بعض الحيز المالي للمشاركين، فمن المهم لجميع الدائنين الثنائيين الرسميين، بما في ذلك المصارف الوطنية الكبرى National Policy Banks، التحلي بالشفافية في تنفيذ هذه المبادرة.
كما طلبت مجموعة العشرين من الدائنين التجاريين المشاركة في تخفيف عبء الديون عن كاهل الدول الأشد فقرا، وننتظر إحراز تقدم ملحوظ. وأخيرا، سلطت الضوء في صحيفة فاينانشيال تايمز على ضرورة مشاركتهم في تخفيف أعباء الديون، حيث حثت الدائنين التجاريين والدائنين الثنائيين غير المشاركين على النظر في رفاهية الدول والشعوب الأشد فقرا في العالم على الأجل الطويل. إن الوقف المؤقت الحالي لسداد الديون هزيل وضحل للغاية، حيث لا يمكنه أن يوفر الأمل في نهاية نفق الديون، ونحن بحاجة إلى إرساء الأسس اللازمة لخفض الديون التي ستساعد على استئناف النمو والاستثمار.
وبشأن مرحلة تعاف قادر على الصمود أتطلع إلى المحادثات حول اجتماعاتنا السنوية التي يعقدها البنك وصندوق النقد الدوليان لأول مرة عبر الإنترنت في الشهر المقبل. ويدور محور هذه الاجتماعات حول: ما يتطلبه تحقيق تعاف قادر على الصمود. إضافة إلى مناقشاتنا الرسمية مع المحافظين، سنناقش خلال الأسبوع أيضا قضايا رأس المال البشري والمناخ والتنمية الرقمية والخطوات الإضافية بشأن الديون لإتاحة الموارد لتلك الأولويات. ومع مواجهة الدول تحديات متعددة لتحقيق تعاف مستدام وقادر على الصمود من الأزمة الاقتصادية التي أثارها تفشي فيروس كورونا، فإننا نركز على العمل على نطاق واسع من أجل إحداث تأثير فعال. ويشمل ذلك مواصلة تحويل الموارد إلى المجالات ذات الأولوية، ووضع المعرفة ذات الجودة العالية في صميم عملياتنا، وإيجاد طرق جديدة للابتكار وتحقيق نتائج أفضل.
وإذ نستعد لشهر زاخر بالأنشطة، أود أن نقدم الشكر لشركائنا على مواصلة العمل الجاد في ظل ظروف صعبة. وعلينا أن نركز على ما يمكننا القيام به، وعلى الإجراءات التي يمكن أن نتخذها للخروج من هذه الجائحة والوصول إلى بر الأمان. وهناك عقبات هائلة كثيرة أمامنا، لكن ينبغي لنا أن نتحلى في هذه الاجتماعات بالروح الإيجابية والطاقة والابتكار للمساعدة على مواجهة هذه التحديات.