قمة الرياض والخطة المستدامة لنمو العالم
تستعد العاصمة الرياض خلال الأيام المقبلة لعقد القمة الافتراضية لمجموعة العشرين بشعار "اغتنام فرص القرن الحادي والعشرين للجميع"، وتشكل دول مجموعة العشرين نحو ثلثي سكان العالم، وتضم 85 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي، و75 في المائة من التجارة العالمية، وسيرأس القمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز. والقمة بما تضمنه جدول الأعمال من موضوعات تعكس الدور المحوري للمملكة على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وستقر القمة الخطوات المستقبلية نحو النمو المستدام والمتوازن والشامل في العالم، وذلك في إطار التنمية الاقتصادية العالمية، والنظرة المستقبلية، والتقدم المحرز في خطة عمل مجموعة العشرين. وسيحضر قمة الرياض مجموعة من أهم المنظمات والمؤسسات الدولية المعنية بالتنمية العالمية مثل خبراء صندوق النقد الدولي، ومجموعة البنك الدولي، ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية إلى جانب عدد من بنوك التنمية الإقليمية. وبهذه المناسبة فقد قدم كل من صندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية تقريرين بشأن الاقتصاد العالمي وظواهر الركود التي يعانيها، والخيارات التي تحقق التعافي من الأمراض التي لحقت بالاقتصاد الدولي بسبب تفشي وباء كورونا وما تبع ذلك من معوقات عصفت بمسيرة الاقتصاد الدولي.
وعلى الصعيد الصحي فقد بادرت المملكة بالعمل مع الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية المتخصصة وفي مقدمتها منظمة الصحة العالمية باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لاحتواء انتشار فيروس كورونا المستجد وضمان سلامة البشر، وسعيا من مجموعة العشرين لدعم الجهود التي اتخذتها المملكة بدءا من مكافحة الوباء حتى البحث عن وسائل العلاج اللازمة، فإن المجموعة ستطالب بضرورة التعاون دوليا لدعم أعمال البحث والتطوير سعيا للوصول إلى لقاح للفيروس، وضمان توافر الإمدادات والمعدات الطبية اللازمة وتقوية أطر الجاهزية العالمية لمكافحة الأمراض المعدية التي قد تتفشى في كوكب الأرض مستقبلا. وإزاء تباطؤ معدلات النمو واضطراب الأسواق المالية العالمية، فإن مجموعة العشرين ستطالب الدول بضرورة الاستجابة الموحدة لمواجهة هذه المشكلات المعيقة للاقتصاد الدولي من أجل استعادة التدفق الطبيعي للسلع والخدمات، وإعادة الثقة بالاقتصاد العالمي والترحيب بالسياسات والتدابير المتخذة من الدول لإنعاش اقتصادها، وما يشمله ذلك من حزم تحفيزية، وتدابير احترازية وسياسات قطاعية وإجراءات لحماية الوظائف، كذلك ستوصي قمة الرياض بمد يد العون للدول النامية والأقل نموا لبناء قدراتها وتحسين جاهزية البنية التحتية لديهم حتى يتجاوزوا هذه الأزمة وتبعاتها، ويصطفوا جنبا إلى جنب مع الدول كافة لدعم موارد الاقتصاد الدولي، والمضي قدما نحو مستقبل ينعم فيه الجميع بالرخاء والصحة والازدهار.
ومن خلال رئاستها لمجموعة العشرين حققت المملكة كثيرا من الإنجازات حيث استطاعت أن تدبر مبلغ نحو 21 مليار دولار من أجل دعم إنتاج الأدوات التشخيصية والعلاجية واللقاحات الخاصة بالسيطرة على فيروس كورونا المستجد، كوفيد - 19، وتوفيرها في الأسواق في أقرب فرصة ممكنة، كذلك شجعت المملكة دول المجموعة على ضخ نحو 11 تريليون دولار لحماية الاقتصاد العالمي من المشكلات التي ضربت الاقتصاد العالمي، كذلك أمكن توفير نحو 14 مليار دولار لتخفيف أعباء الديون عن الدول الأقل تقدما والأكثر فقرا بهدف دعم أنظمتها الصحية وبرامجها الاجتماعية.
وستركز المملكة في قمة مجموعة العشرين على أهمية تعزيز سبل التعاون بين شركاء التنمية سواء من الدول أو المنظمات الدولية المعنية بالتنمية، وكذلك سيكون للمملكة موقف قوي تجاه أهمية دعم القطاع الخاص لتشجيعه على الاستثمار في الدول النامية جنبا إلى جنب مع تشجيعه على الاستثمار في الدول المتقدمة.
ونذكر جميعا أن المملكة حينما تسلمت رئاسة القمة في الأول من ديسمبر 2019 صرح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز بأن المملكة ستسعى إلى تعزيز التوافق العالمي، وستعمل مع شركائها في المجموعة للتصدي لكل التحديات التي يواجهها العالم وسترسخ مبادئ الأمن والاستقرار في كل أرجاء العالم.
واضح مما سبق أن قمة مجموعة العشرين المقرر انعقادها في العاصمة الرياض برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ستهتم بقضايا عالمية على جانب كبير من الأهمية، أهمها تمكين الإنسان خاصة النساء والشباب من الحياة الكريمة، والمساهمة في بناء مجتمع جديد يرسخ مبادئ الاستقرار والسلم، والحفاظ على سلامة كوكب الأرض من التلوث والتصحر، وتشكيل آفاق جديدة لمستقبل عالمي خير وواعد ومزدهر.
والخلاصة أن قمة الرياض تسعى إلى وضع قواعد بناء اقتصاد عالمي إبداعي وحيوي ومترابط وشامل، وكل كلمة من هذه الكلمات لها معنى عند الدول الـ20 المشاركة في القمة، فالاقتصاد الدولي الذي يمر بظروف صعبة بعد جائحة كورونا يحتاج إلى الإبداع والحلول غير التقليدية، ويحتاج إلى الحيوية والتعاون من قبل جميع الدول الـ20.