هل أتملك منزلا أم أستأجر؟
يصل إلي كثير من الاستشارات حول سؤال: هل أبدأ بتملك منزل من الآن أم أستثمر؟ وهل من الأفضل أن آخذ قرضا لغرض تملك المنزل؟ وما الوقت المناسب لشراء المنزل؟ الحقيقة: إن الإجابة عن هذه الأسئلة ليست سهلة، ولا يمكن إعطاء إجابة تناسب الجميع، فلكل شخص ظروفه التي تجعل له مقدرة ووضعا يختلف عن الآخر، لذلك كل ما سيتم ذكره هنا قد لا يناسب وضعك ويجب عليك استشارة مختص يحلل وضعك المادي ومخاطرك مع عمرك ووضعك الأسري. وما سأذكره هنا هي قواعد وخطوط عامة وإرشادات لما يمكن أن تكون فقط بداية تفكير في وضعك ومستقبلك.
في البداية وأول قاعدة هي أن تملك المنزل يحقق استقرارا وأمانا أسريا مهما لكل رب أسرة، لذلك تملك المنزل - حسب رأيي الشخصي - هدف لكل رب أسرة، أما بالنسبة للعازب فهو أقل أهمية ولذلك قد لا يكون على رأس الأولويات، أما لماذا هو مهم في الاستقرار والأمان الأسري؟ لأنه معلوم أن من الأولويات للأسرة بعد الأكل والشراب هو المأوى وهو يتحقق بأمرين: إما الإيجار أو التملك، الإيجار يحقق المأوى لكن لن يحقق الاستقرار الذي يأتي مع التملك فقط.
القاعدة الثانية هي: كلما تقدمت في العمر وكبرت العائلة زادت أهمية تملكك للمنزل، لذلك إذا كنت لا تزال أعزب أو متزوجا حديثا قد لا يكون ضغط تملك المنزل مهما بالنسبة لك، لكن هذا لا يجعلك لا تخطط للتملك في المستقبل. بمعنى آخر إذا كنت في مقتبل العمر فقد يكون من الأفضل لك استثمار مدخراتك وراتبك في قنوات استثمارية تعطيك عائدا عاليا مع مخاطرة عالية، وذلك لقدرتك على تحمل المخاطر في مقتبل العمر على عكس وضعك كلما تقدم بك العمر، حيث يصبح تقبل المخاطر أقل والسعي عن الأمان في الاستثمارات، لذلك حتى في حال خسارتك استثماراتك بالكامل فلديك القدرة وأنت في مقتبل العمر للتعويض والبدء من جديد بسهولة عكس من هو متقدم في عمره فقد تكون خطيرة جدا له، لكن من المهم أن تجعل هذه الاستثمارات هدفها البعيد هو مساعدتك على تملك المنزل بعد فترة. ومن ناحية أخرى، وفي الأغلب، تملك المنزل يتطلب الحصول على تمويل، والتمويل يعني الالتزام بدفعات مالية طويلة وكذلك دفعة مقدمة كبيرة، وهو ما سيحد قدرتك على الاستثمار فيما بعد. لهذا أرى أنه قد يكون من الأفضل دراسة وضعك واختيار الاستثمار على تملك المنزل إذا كنت في مقتبل العمر، خصوصا مع استثمارات عوائدها تفوق معدل التضخم بكثير، لكن إذا كنت تعتقد أنك غير قادر على الاستثمار لأي سبب كان، فمن المناسب أن تبدأ بتملك المنزل حتى إن كنت في مقتبل العمر والالتزام بالتمويل.
القاعدة الثالثة، التمويل لشراء المنزل قد يكون خيارا لا مفر منه، فلا أحد يرغب في أن يكون مدينا لكن من الصعب اليوم تملك المنزل دون تمويل، لهذا هو واقع يجب أن نتعامل معه عبر حسن الاختيار بين عقود التمويل والدفعات المقدمة والمدة وتوقعات معدلات الفائدة على المدى الزمني الطويل، وهو عموما خيار جيد لمن لا يحسنون إدارة مصروفاتهم، حيث يجبرك على ضبط مصروفاتك على ما يتبقى لك من الراتب المستقطع.
من المهم معرفة أن تملك المنزل، إضافة إلى أن له أهمية كبيرة لاستقرار وأمان الأسر، فهو كذلك له جوانب إيجابية أخرى، منها أنه يجعلك تتملك أصلا، والأصول في الأغلب ترتفع قيمتها بفعل عوامل كثيرة منها التضخم، لهذا في الأغلب البيت الذي تملكته سترتفع قيمته مع الوقت، وهو ما يزيد من قيمة ثروتك، كذلك تملكك للبيت يعطيك الحرية لعمل ما تريد عمله في تغيرات البيت على عكس الإيجار، لكن هناك عيوب في التملك مقارنة بالإيجار، منها الضغط على أمورك المالية ومصروفاتك عند الالتزام بدفعات القرض، انعدام المرونة في تغير البيت عكس الإيجار الذي بسهولة تستطيع فك التزامك بالبيت، وكذلك تملك المنزل يعد نوعا من أنواع الادخار.
ختاما، هناك خياران لمن هم في مقتبل العمر، إما تملك المنزل وإما الإيجار، والاختيار بينهما هو قرار شخصي، لكن إذا كنت تستطيع استثمار ما ستدفعه في المنزل - الدفعة الأولى + الدفعات الشهرية - في استثمار يعطي عوائد عالية تغطي فوائد القرض وتفيض بشكل كبير، مثلا: الفائدة السنوية تعادل 4 في المائة، والاستثمار المتاح لك يعطيك 12 في المائة مع مخاطرة متقبلة، فقد يكون من المناسب الاستثمار بدل تملك المنزل حاليا واللجوء إلى الإيجار. أما إذا لم تكن خيارات الاستثمار مجدية، فالأفضل تملك المنزل بدل الاستثمار والإيجار، أما إذا تقدمت في العمر فمن المهم البدء بالاستثمار بتملك منزلك.