أزمة كورونا وارتفاع أسعار الغذاء «2 من 2»

كانت استجابة العالم غير مسبوقة في الحماية الاجتماعية للتصدي لأزمة فيروس كورونا. وتصل التحويلات النقدية الآن إلى 1.1 مليار شخص، وتساعد آليات التنفيذ المبتكرة على سرعة تحديد الفئات الجديدة والوصول إليها، مثل العمال بالقطاع غير الرسمي في المدن. لكن الحجم الضخم لا يعني كافيا. ففي استعراض لبرامج الاستجابة الاجتماعية للتصدي لأزمة كورونا، تبين أن برامج التحويلات النقدية هي: أولا قصيرة الأجل في مدتها - تدوم أكثر من ثلاثة أشهر في المتوسط -، ثانيا ضئيلة القيمة بمتوسط ستة دولارات (4.30 جنيه استرليني) للفرد في الدول منخفضة الدخل وثالثا محدودة النطاق مع عدم تغطية عديد من المحتاجين.
وقد عززت الجائحة من الحتمية الحيوية لزيادة استثمارات العالم في نظم الحماية الاجتماعية. ومن شأن اتخاذ تدابير إضافية للتعجيل بوتيرة التحويلات النقدية، ولا سيما عن طريق الوسائل الرقمية، أن يؤدي دورا مهما في الحد من سوء التغذية.
وتتمثل الأولوية الثالثة في تعزيز الوقاية والتأهب.
وتشير جميع المؤشرات إلى أن هذا ربما هو الوضع الطبيعي الجديد. فالنظم الإيكولوجية التي نعتمد عليها في إمدادات المياه والهواء والغذاء معرضة للمخاطر. كما أن الأمراض الحيوانية آخذة في الازدياد بسبب الضغوط الديموجرافية والاقتصادية المتنامية على الأرض وعلى الحيوانات والحياة البرية.
ويسهم ارتفاع حرارة الكوكب في ظواهر جوية متطرفة أكثر تكلفة وتواترا. ومع اكتظاظ الناس في مساكن منخفضة الجودة في الأحياء الفقيرة في المدن أو المناطق الساحلية المعرضة للمخاطر، يحيا مزيد منهم حياة أكثر تعرضا للأمراض والكوارث المناخية.
ويمكن القضاء على المكاسب الإنمائية في غمضة عين. وتبين تجربتنا مع الأعاصير أو الزلازل أن الاستثمار في الوقاية أكثر فاعلية قبل وقوع كارثة. ولهذا السبب تحتاج الدول إلى برامج حماية اجتماعية قادرة على التكيف، برامج ترتبط بأنظمة الإنذار المبكر للأمن الغذائي ويمكن توسيع نطاقها تحسبا للصدمات.
لقد تأخرنا كثيرا في الانتقال إلى ممارسات تصون الأمن الغذائي والتغذوي وتزيده بوسائل دائمة. وقائمة المهام طويلة وعاجلة. فنحن بحاجة إلى تمويل مستدام للنهج التي تعطي الأولوية لصحة الإنسان والحيوان والكوكب، واستعادة الأراضي الطبيعية وتنويع المحاصيل لتحسين التغذية والحد من فقدان الأغذية والهدر فيها وتعزيز سلاسل القيمة الزراعية لتوفير فرص عمل واستعادة الدخل المفقود ونشر تقنيات فعالة في الزراعة تراعي تغير المناخ على نطاق أوسع بكثير.
عانت النظم الغذائية حول العالم صدمات عديدة عام 2020 من الآثار الاقتصادية على المنتجين والمستهلكين إلى أسراب الجراد الصحراوي واضطراب الأحوال الجوية، ومجموعة البنك الدولي والشركاء على استعداد لمساعدة مختلف الدول على إصلاح سياساتها الزراعية والغذائية وإعادة توزيع الموارد التمويلية العامة لتعزيز الانتعاش الأخضر والشامل والمرونة.
ومن شأن التركيز على الأمن الغذائي أن يعالج أحد أوجه الظلم الأساسية: واحد من كل عشرة أشخاص تقريبا يعيش حالة من الجوع المزمن في عصر الهدر الغذائي والوفرة الغذائية. فهذا التركيز سيعزز أيضا قدرتنا الجماعية على تحمل ما هو مقبل سواء أكان عاصفة أم فيضان أم جفاف أم جائحة، وذلك من خلال توفير الغذاء الآمن والمغذي للجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي