حضارات الشرق الأوسط
"مسيرة المومياوات الملكية" التي شهدتها مصر الشقيقة أمس الأول، حيث تحول نقلها من المتحف المصري في التحرير إلى المتحف القومي للحضارة المصرية إلى حدث نادر لفت أنظار العالم بكل تفاصيله.
خلال هذه الاحتفالية أكدت مصر للعالم الأهمية التي تتكئ عليها حضارتها وحضارات الشرق الأوسط أجمع. ومن ضمنها الحضارات الموجودة في الجزيرة العربية التي تشغل المملكة الجزء الأكبر منها. لدينا في المملكة مواقع حضارية عريقة، بينها أحد أقدم المواقع الإنسانية التي شهدت ولادة السطور الأولى لأبجدية الإنسان التي كان يعبر فيها عن مشاعره وذكرياته ويصوغ جانبا من مغامراته. تحقق ذلك في الفنون الصخرية الموجودة في جبة والشويمس في حائل.
تمثل هذه الفنون إحدى بصمات الإنسان الأول، التي تعكس جزءا من محتوى بصري يجعلك في حالة عناق مع هذه الرسوم، إذ لم تكن الأبجدية وقتها أكثر من صورة منحوتة على صخرة. وفي أعقاب هذه المصورات جاءت تجارب حضارية أكثر نضجا. وقد تجلى ذلك في مصر والعراق وسواهما. وهنا لا ننسى العلا في المملكة بكل ما فيها من إبداع إنساني فريد.
وبالمجمل، فإن التاريخ الإنساني يحفل بالشواهد التي تربط بين الجزيرة العربية ومصر وبقية مرافئ حضارات المنطقة.
وفي مقدمة هذه المسارات التاريخية المشتركة، الرحلة الإبراهيمية لبناء الكعبة، وقبلها الرحلة الأولى التي ترك فيها نبي الله إبراهيم عليه السلام السيدة هاجر مع رضيعها في واد غير ذي زرع، وما صاحب ذلك من أحداث ارتبطت بظهور بئر زمزم، وما تلاه من تفاصيل ازدانت بها مكة المكرمة. ولا ننسى قصة مدين التي ورد ذكرها في القرآن الكريم وشهدت قدوم موسى عليه السلام وقضاءه بضعة أعوام هناك، بعد زواجه من إحدى بنات النبي شعيب عليه السلام.
الخلاصة أن مصر والعراق والجزيرة العربية والشام كانت محور الارتكاز في دورات حضارية عريقة مشتركة. وهذا الأمر تنبه إليه المهتمون بالتاريخ الحضاري الإنساني القديم. ولا شك أن استثمارنا في السياحة الثقافية أمر مهم جدا.