التوسع السكاني والمتغيرات الاقتصادية «2 من 2»

وعلى وجه العموم، تم تسجيل أقل من 18 مليون مولود سنويا خلال العقد الماضي في الصين، مقارنة بـ 25 - 30 مليونا خلال أعوام الذروة. وفي عام 2019، سجلت الصين 14.65 مليون مولود جديد فقط. في العام الماضي، انخفض هذا الرقم إلى 10.03 مليون - أي انخفاض بنسبة نحو 15 في المائة، على أساس سنوي. رغم أن الانخفاض الحاد في معدل المواليد في عام 2020 قد يعكس تأثير جائحة فيروس كورونا المستجد، إلا أن الاتجاه التنازلي واضح للغاية.
يعكس الانخفاض السريع في معدلات الخصوبة في الصين إرث سياسات تنظيم الأسرة، كما أنها مدفوعة على نحو متزايد بالتحضر السريع والمستدام والتعليم الشامل والتنمية الاقتصادية - وهي عوامل من المعروف أنها تسهم في حدوث انخفاض كبير في معدلات المواليد.
كان هذا هو الحال بالتأكيد بالنسبة لليابان، التي أعقب صعودها إلى مكانة اقتصادية متقدمة انخفاضا حادا في معدلات الخصوبة. ومع ذلك، في عام 1995، انخفض معدل المواليد إلى ما دون 1.5. وبعد عقد من الزمن، بلغ هذا المعدل 1.26. وفي وقت لاحق، ساعدت سياسات التشجيع على الإنجاب في رفع معدل الخصوبة، وتم إبقاؤه عند نحو 1.4 فقط.
يعد الوضع في كوريا الجنوبية أكثر سوءا. رغم محاولة السلطات تشجيع مواطنيها على إنجاب مزيد من الأطفال، إلا أن معدل الخصوبة فيها كان يحوم حول 1.0 في عامي 2017 و2018، قبل أن ينخفض إلى 0.84 العام الماضي - لتصبح الدولة ذات أدنى معدل خصوبة في العالم.
كما هو الحال في اليابان، تعزى معدلات الخصوبة المنخفضة في كوريا الجنوبية إلى حد كبير إلى العوامل الاقتصادية. مع النمو السريع والتوسع الحضري الواسع النطاق الذي يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الإسكان والتعليم والرعاية الصحية، فقد تراجعت رغبة الأزواج في إنجاب الأطفال.
وهذا ينطوي على مخاطر جسيمة، تتمثل في ارتفاع معدلات إعالة كبار السن. في الصين، على سبيل المثال، انخفض عدد السكان في سن العمل بنحو 3.4 مليون شخص سنويا خلال العقد الماضي. في الواقع، فقد ولد أولئك الذين ينضمون إلى القوى العاملة اليوم عندما كان معدل الخصوبة بالفعل أقل من مستوى الاستبدال.
في هذه الأثناء، مع زيادة متوسط العمر المتوقع، فقد ارتفعت نسبة السكان المسنين في الصين "الذين تراوح أعمارهم بين 60 عاما فما فوق" من 10.45 في المائة في عام 2005 إلى 14.7 في المائة عام 2013، وإلى 18.1 في المائة عام 2019. واليوم، أصبح عدد المسنين في الصين أكبر من عدد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما، وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يتضاعف عدد كبار السن في الصين تقريبا، من 254 مليون شخص اليوم إلى ما يقرب من 500 مليون مسن.
ونظرا لانخفاض مشاركة القوى العاملة، ستؤدي هذه الاتجاهات إلى تقويض نمو الناتج المحتمل للاقتصاد الصيني بشكل كبير، ووضع ضغوط هائلة على الميزانيات العمومية، حيث تتجاوز المصروفات الخاصة بالمعاشات التقاعدية والضمان الاجتماعي عائدات ضريبة الدخل والرواتب. هذا يحدث بالفعل في كل من اليابان وكوريا الجنوبية.
لطالما كانت الصين حذرة للغاية بشأن تخفيف قواعد تنظيم الأسرة. ومع ذلك، إذا أرادت الحفاظ على ديناميكيتها الاقتصادية في العقود المقبلة، فسيتعين عليها العمل بجد لتوسيع قوتها العاملة، بما في ذلك عن طريق رفع سن التقاعد وتشجيع الأسر على إنجاب مزيد من الأطفال. إذا لم تتمكن البلاد من تحقيق هذه الأهداف، فإن سكانها سيصبحون كبارا في السن بالطريقة نفسها التي وصف بها إرنست همنجواي كيف يفلس المرء: تدريجيا، ثم فجأة.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي