الطاقة الشمسية تتصدر مشاريع الطاقة البديلة
نستطيع القول، إن المملكة دخلت بقوة في مجالات الطاقة البديلة من خلال تنفيذ مجموعة مشاريع في الطاقة الشمسية. وقد افتتح ولي العهد الأمير محمد بن سلمان خلال الأسبوع الماضي مشروع محطة سكاكا لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية، التي تعد خطوة اقتصادية مهمة على طريق استغلال الطاقة المتجددة في المملكة، وفي القريب سيكتمل تنفيذ مشروع محطة دومة الجندل لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح.
وفي مناسبة افتتاح ولي العهد لمشاريع في الطاقة الشمسية حرص على تأكيد أن مشاريع الطاقة البديلة تشهد اليوم توقيع اتفاقيات لسبعة مشاريع جديدة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في مناطق مختلفة من المملكة، وستصل الطاقة الإنتاجية لهذه المشاريع إضافة إلى مشروعي سكاكا ودومة الجندل إلى أكثر من 3600 ميجاوات، كما أنها ستوفر الطاقة الكهربائية لأكثر من 600 ألف وحدة سكنية، وستخفض أكثر من سبعة ملايين طن من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري.
ومن خلال حديث ولي العهد، فإن بعض هذه المشاريع حققت أرقاما قياسية جديدة تمثلت في خفض تكلفة شراء الكهرباء المنتجة من الطاقة الشمسية في العالم، حيث بلغت تكلفة شراء الكهرباء من مشروع الشعيبة 1,04 سنت أمريكي لكل كيلووات ساعة، وستتبع هذه المشاريع - بإذن الله - مشاريع أخرى للطاقة المتجددة وسنعلن عنها في حينها.
وأيضا من خلال حديثه عن مشاريع الطاقة البديلة في المملكة نستشف ونعرف أن هذه المشاريع وغيرها من مشاريع الطاقة المتجددة التي يجرى تنفيذها في مختلف مناطق المملكة تمثل عناصر جوهرية في الخطط الرامية إلى الوصول إلى مزيج الطاقة الأمثل لإنتاج الكهرباء التي تستهدف أن تصبح حصة كل من الغاز ومصادر الطاقة المتجددة في هذا المزيج نحو 50 في المائة بحلول 2030، ونأمل أن يحل الغاز والطاقة المتجددة محل ما يقارب مليون برميل بترول مكافئ من الوقود السائل يوميا.
وتجسد هذه المشاريع جهود المملكة الرامية إلى توطين قطاع الطاقة المتجددة، وتعزيز المحتوى المحلي فيه، وتمكين صناعة مكونات إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح محليا لتصبح المملكة خلال الأعوام العشرة المقبلة مركزا عالميا للطاقة التقليدية والمتجددة وتقنياتها.
ويرى ولي العهد أن مبادرتي السعودية الخضراء، والشرق الأوسط الأخضر، إضافة إلى المشاريع التي نشهد اليوم انطلاقاتها تمثل أجزاء جوهرية من دور المملكة الريادي تجاه القضايا الدولية المشتركة، وتعد استكمالا للجهود التي بذلتها المملكة خلال فترة رئاستها مجموعة العشرين، التي نتج عنها تبني المجموعة لمفهوم الاقتصاد الدائري للكربون، الذي يسهم في تسريع استعادة توازن انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فإن هذه المشاريع تعزز سجلنا في مجال الطاقة المتجددة، كما أنها تضاف إلى المكانة التي نتمتع بها في مجال الطاقة بشكل عام.
في ضوء هذه المشاريع التي تنفذها المملكة في مجالات الطاقة البديلة، فإن المملكة تأتي في مقدمة الدول التي أولت اهتماما ملحوظا بمشاريع الطاقة البديلة، ومن أجل ذلك أسست المملكة منذ عقود طويلة مؤسسات تعنى باكتشاف الطاقة البديلة والمتجددة مثل: مدينتي الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة، وكلفت هذه المؤسسات باكتشاف مزيد من موارد الطاقة البديلة والمتجددة.
وهكذا، فإن العالم يتجه بقوة في هذه الأيام نحو البحث عن طاقات بديلة ومتجددة. وإذا رجعنا إلى الأسباب الكامنة وراء هذا الموقف العالمي من المورد الواحد الذي اعتمدت عليه دول العالم لعقود طويلة خلت، وهو البترول، نجد أن العالم يريد أن يتفادى البترول لسببين، السبب الأول أن البترول مادة ناضبة، وأنه في المستقبل القريب أو البعيد سيغيب عن الأسواق رضينا أم أبينا.
أما السبب الثاني فهو أن البترول يفرز انبعاثات سامة تتسبب في إلحاق أضرار بالغة بالبيئة، أي أن مشتقات البترول ملوثة للبيئة، وهو ما حذرت منه قمة العشرين التي عقدت في 2020 في العاصمة الرياض، وطالبت كل دول العالم بالابتعاد عن استخدام كل ما يضر البيئة ويلوث المناخ.
وأرجو ألا يفهم أننا ندعو إلى خفض استخدام الطاقة، بل نحن نؤكد حقيقة لا شك فيها، وهي أن محاولات خفض استخدام الطاقة هي محاولات يائسة وبائسة، والدول سواء كانت دولا متقدمة أو ناشئة أو دولا نامية، فإنها تتجه إلى استخدام واسع للكهرباء، ولن تكون هناك حضارة إذا لم تستخدم المدن مزيدا من الكهرباء لتحقيق التنمية والنمو في جميع المجالات، وإذا سلمنا بهذه الحقيقة، فإن الطلب العالمي على الطاقة في تزايد ولا يمكن إيقافه أو حتى التخفيف منه.
ويفيد المشهد الدولي حاليا أن الأزمات السياسية التي تجتاح العالم كأزمة المفاعل النووي الإيراني أدت إلى حشر البترول في القرارات السياسية ما حدا الغرب باتخاذ قرارات بوقف شراء البترول الإيراني عقابا لإيران على إصرارها في الاستمرار في مشروعها النووي المغرض والمريب. وإزاء هذا الحشد من مشكلات الطاقة، فإن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وجه بضرورة تنويع مصادر الطاقة، من خلال تنشيط وتفعيل أعمال مدينتي الملك عبدالعزيز والملك عبدالله للطاقة البديلة.