58 % من الإنفاق على الحوسبة السحابية في السعودية يأتي من الشركات الصغيرة والمتوسطة
خلال العقد الماضي، كانت الشركات الصغيرة والمتوسطة رائدة في تبني تقنيات الحوسبة السحابية في المنطقة عموما والسعودية خصوصا، فقد أسهم ظهور جائحة فيروس كوفيد - 19 في تسريع وتيرة استخدام الخدمات السحابية لهذه الشركات، نظرا لفهمها العميق للقيمة التي توفرها هذه الحلول لأعمالهم، وأوضح تقرير الاتجاهات المتوقعة لعام 2021 الصادر عن شركة Forrester أنه دون التكنولوجيا السحابية، كانت المؤسسات والشركات ستعاني للحفاظ على سلاسل التوريد الخاصة بها، أو البقاء على نماذج الأعمال المحورية، أو الانتقال إلى نظام العمل عن بعد، ويتوقع التقرير أيضا أن تنمو سوق "البنية التحتية السحابية" العام الحالي 35 في المائة لتصل إلى 120 مليار دولار هذا العام، مع توقع زيادة الإنفاق على تبني الحوسبة السحابية لكل ثلاث من كل عشر شركات، بما في ذلك تلك التي تكافح من أجل البقاء وتلك التي تسعى للنمو والتوسع، على ضوء ذلك، فإن الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تتبنى التكنولوجيا السحابية تتمتع بمزايا هائلة تفتح فرصا جديدة للنجاح والازدهار داخل مؤسساتها.
وحول التحول الرقمي في السعودية قال فهد بن عبدالعزيز الطريف، المدير العام ونائب رئيس قسم الحوسبة السحابية لدى شركة Oracle في السعودية في حديث لـ"الاقتصادية"، إن الجائحة أدت بالتأكيد إلى تسريع عملية التحول الرقمي الذي تقوده التكنولوجيا السحابية حيث كان على المؤسسات التحول على الفور إلى العمل عن بعد، وتحديد طرق جديدة لخدمة العملاء، وتحقيق كفاءة الإنفاق، والأهم من ذلك، بناء نماذج أعمال مرنة يمكنها التكيف بسرعة مع المتغيرات، فلقد زاد بالفعل الاعتماد على التكنولوجيا الحديثة في السعودية، حيث أدركت المؤسسات والشركات في القطاعين العام والخاص أنه يمكنها تحقيق عائد استثمار أعلى، واستكشاف طرق جديدة للنمو، ودفع عجلة الابتكار، وتقديم خدمات جديدة، وتوفير التكاليف، وضمان الامتثال لاشتراطات الأمن السيبراني من خلال الاستعانة بالحلول السحابية.
وفي السياق ذاته، تتوقع جارتنر أن إنفاق المستخدمين في جميع أنحاء العالم على الخدمات السحابية سينمو 18.4في المائة في عام 2021 ليصل إلى 304.9 مليار دولار، مقارنة بـ257.5 مليار دولار في عام 2020، كما ستتسارع نسبة الإنفاق على خدمات الحوسبة السحابية فيما بعد أزمة كورونا، مع توقع بأن تشكل التكنولوجيا السحابية ما نسبته 14.2 في المائة من إجمالي سوق إنفاق الشركات على تكنولوجيا المعلومات عالميا في عام 2024، مقارنة بـ9.1 في المائة في عام 2020.
من جهة أخرى، يشير تقرير "أي دي سي" في أحدث توقعاته للسعودية بأن إجمالي الإنفاق في سوق الاتصالات وتقنية المعلومات سيصل إلى 32.9 مليار دولار في عام 2021، أي بزيادة قدرها 1.5 في المائة عن عام 2020. وهذه مؤشرات واضحة بأن التحول الرقمي في المملكة سيتسارع بتبني تقنيات الحوسبة السحابية.
وأوضح فهد الطريف أن التكنولوجيا السحابية تلعب أيضا دورا حيويا في دعم خطط التنويع الاقتصادي في المملكة، فإلى جانب المساعدة على ترشيد كفاءة الإنفاق، وتعزيز مرونة الحركة، وتوفير أمن إلكتروني عال، وتسريع العمليات، سيساعد التحول الرقمي الذي يعتمد على الحوسبة السحابية كلا من المؤسسات والشركات على "الابتكار"وتقديم خدمات أحدث عبر قطاعات متنوعة ستسهم في النجاح الاقتصادي".
وحول أهمية التقنيات السحابية للمؤسسات، بين الطريف أن الحوسبة السحابية تتيح تأجير تكنولوجيا المعلومات الخاصة بدلا من شرائها. وبدلا من الاستثمار بكثافة في قواعد البيانات والبرامج والأجهزة، تختار الشركات الوصول إلى قوتها الحاسوبية عبر الإنترنت أو التكنولوجيا السحابية، ودفع ثمنها عند استخدامها، وتشمل هذه الخدمات السحابية حاليا، على سبيل المثال لا الحصر، الخوادم ووحدات التخزين وقواعد البيانات والشبكات والبرامج وذكاء الأعمال، كما توفر الحوسبة السحابية السرعة والقابلية للتوسع، والمرونة اللازمة التي تمكن الشركات من تطوير وابتكار ودعم حلول تكنولوجيا المعلومات للأعمال.
من جانبه قال حمزة نقشبندي - المدير الإقليمي لشركة أي دي سي في السعودية والبحرين، في حديث لـ"الاقتصادية"، "بينما نتكيف مع الوضع الطبيعي الجديد، لا تزال بعض المؤسسات السعودية تركز على النجاة والبقاء فقط، بينما يمضي عديد منها قدما في استخدام استراتيجيات التحول الرقمي لإعادة تصميم مؤسساتها. ومع ذلك، فإن ميزانيات تكنولوجيا المعلومات الثابتة أو حتى المتراجعة، تهدد هذا النهج، لأن نجاحه يعتمد على الإنفاق المستمر على تكنولوجيا المعلومات، وبدأت الشركات والمؤسسات السعودية، خاصة الصغيرة والمتوسطة منها، في الاستفادة من القوة الحقيقية للحوسبة السحابية، وتسهم الشركات الصغيرة والمتوسطة في نحو 58 في المائة من الإنفاق العام على تكنولوجيا السحابية في السعودية، وهو مؤشر واضح على أن السحابة العامة تعد خيارا قابلا للتطبيق لمكافحة بعض التحديات التشغيلية التي فرضها الوباء.
وتابع نقشبندي "تمثل البرمجيات كخدمة نحو 70 في المائة من إجمالي الإنفاق على الحلول السحابية في السعودية، وعلى عكس عديد من اتجاهات التكنولوجيا، لم تعد البرمجيات كخدمة مجرد كلمة شائعة، فهي حقيقة، إذا تم استخدامها بالشكل الصحيح من قبل الشركات الصغيرة والمتوسطة، فإنها ستقضي على مشكلات عديدة مثل صيانة البرامج أو عدم توافقها، وتمكن من زيادة الإنتاجية، وتسهم في زيادة التركيز على انسيابية الأعمال".