بيتزا يا دكتور

من أروع قصص الإلهام التي توقفت عندها طويلا الأسبوع الماضي، قصة الشاب المصري عمرو فهمي؛ الذي ما زال في الثلاثينيات من عمره، ويعمل أستاذا جامعيا، الإلهام لا يكمن في وظيفته التي من الطبيعي أن يحصل عليها كثيرون، لكن الإلهام يكمن في أن هذا الشاب حين ينتهي من عمله في الجامعة كان يتجه إلى "عربية برجر" خشبية بسيطة يبيع فوقها ساندوتشات البرجر للزبائن، حتى يقترب من حلمه بامتلاك مطعمه الخاص في المستقبل. لم يخجل من وقوفه أمام "عربية البرجر" المتواضعة، ولم تشكل خرافة "البرستيج" عائقا أمامه؛ كونه أستاذا جامعيا في النهار وبائع ساندوتشات في المساء، ولم يعر اهتماما لتقييمات المحبطين الذين يحاربون الأحلام حتى تموت في مهدها، ولم يتذمر بسبب صعوبة التوفيق بين عمله في الجامعة وبيعه للبرجر، وإيجاد الوقت الخاص لأسرته، بل استمر الأستاذ عمرو منذ 2017 في صنع حلمه على هذه العربة البسيطة طوال أربعة أعوام بلا كلل أو ملل، مستمتعا بخطواته الواثقة التي تقوده نحو ما يريد أن يكون. كان من أجمل لحظاته حين يزوره طلابه، وفي أعينهم تلك النظرة الجميلة التي تعكس قوة الإلهام الذي منحه لهم. بعد أربعة أعوام من العمل الدؤوب حقق حلمه بافتتاح مطعمه الذي سماه Pitsa Pizza بالشراكة مع آخرين. حاليا يستمتع الأستاذ عمرو بوجوده المستمر في مطعمه ليس كمالك فقط، بل كشخص يعشق عمله. ولأن الأحلام لا تتوقف فهو يحلم بأن يكون ملهما للآخرين، وأن تتوسع تجارته، ويفتتح سلسلة من هذا المطعم في كل أرجاء مصر وخارجها.
أتذكر الأسبوع الماضي حين عدنا من جازان وطلبنا سيارة في المطار لتوصيلنا إلى المنزل، فوجئت بأن الشاب السعودي الذي يقود السيارة أبكم وأصم، لحظتها غمرتني مشاعر الفخر والإلهام إلى تلك الدرجة التي رغبت فيها أن أخبر كل من مررنا به في الطريق، أن هذا الشاب يستحق أن يصفقوا له. مثل هذه المواقف الملهمة يجب أن تلهم الآخرين، وتشعل فتيل التحدي في دواخلهم، التي توشك على الانطفاء.
لا عذر إطلاقا للخاملين و"المنسدحين" الذين ينتظرون الوظيفة، التي ربما يطول انتظارها، بينما هم يهدرون مزيدا من أوقاتهم وجيوب أهاليهم وأعوام شبابهم.
وخزة:
يقول كارنيجي "تذكر أن كل يوم في حياتك هو فرصة قد لا تتكرر".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي