صناعة الأصدقاء
أسهل شيء يستطيع المرء صناعته هو صناعة الأعداء.
لا يحتاج إلى مهارة أو عمل كبيرين. كل ما عليك هو ألا ترد على أي اتصال أو رسالة، فتصبح خصما مبتدئا لهذا أو ذاك.
لكن تكمن الصعوبة في صناعة الأصدقاء. هي صناعة صعبة ومعقدة ومتشعبة. قد ترهقك وتتعبك، بيد أن مردودها على روحك وقلبك وصحتك هائل. درست قبل أعوام عدة مادة بعنوان، "تقنيات المبيعات".
حرص أستاذ المادة قبل أن ينطلق في منهجها على أن يسأل كل طالب على حدة سؤالا مباغتا، هو "كيف تصنع صديقا حقيقيا؟". تعددت إجاباتنا.
أخذها جميعها، ولخصها في خمس نقاط، وكتبها على السبورة، وطلب منا أن نلتقطها عبر كاميراتنا ونحتفظ بها.
وقال الأستاذ وهو يهم بمسح كلماته من السبورة، ويشرع في شرح المنهج:
"تعامل مع زبونك كما تتعامل مع صديقك. فهما لا يختلفان كثيرا". بقيت كلمات وعناصر صناعة الصديق الحقيقي تلك ترافقني دائما، محاولا التشبث بها حتى لا تغرق صداقاتي.
أحاول دائما أن أستعيدها وأستردها وأرددها على مسامعي لأنجو. ويسعدني هنا أن أشارككم النصائح الخمس، بعد أن طورتها ونقحتها، وذلك بعد تجربة غير قصيرة:
أولا، بادر. ابدأ بالابتسامة، والهدية، واللطف مع أحبتك. وستترتب وتتعمق العلاقة إثرها تدريجيا.
لا تنتظر أن يبدأ هو أولا. من ينتظر لن يصله شيء. الانتظار احتضار. وثانيا، استمع. لا يحتاج صديقك إلى لسانك، وإنما إلى أذنيك. امنحهما إياه. فهو يبحث عمن يفضفض له، ويصغي إليه. وسيهبك تقديره واحترامه ودعمه ووقته. وثالثا، لا تغب. استمر في تواصلك. الكل مشغول. لا تدع الأعذار تهدد صداقتكما. الفتور في أي علاقة يطفئها. دع العلاقة متقدة. الأمر لا يتطلب الكثير. اتصالات قصيرة. ورسائل شخصية تنعش المحبة، وتغذي التواصل. ورابعا، كن متاحا. مخيب فعلا أنه عندما يبحث عنك صديقك لا يعثر عليك. يتعثر بغيابك. حاول أن تكون متوافرا، حتى يكون متوافرا إذا احتجت إليه. وخامسا، اصنع الفرح. كن مصدرا للبهجة. الحياة مليئة بالتحديات والأحزان. كن شلالا يصب السعادة في الروح. ترسم الابتسامة على الملامح والوجوه. هل تعتقد أنه عندما تصبح صديقا حقيقيا، أنك تسعد غيرك فحسب؟
إذا ساورك هذا الشعور وتملكك فقد جانبك الصواب.
فمن يملك أصدقاء حقيقيين يمنح نفسه حياة زاخرة بالطمأنينة. فلا أجمل من صديق يفرح معك بصدق ويواسيك بعمق. ما أجمل الحياة بأصدقاء حولك.
تشعر معهم بأنك أقوى وأنقى.