معضلة الإسكان في الصين «2 من 2»

من حيث المبدأ وبشكل عام، تجري حماية البنوك من خلال تقديم دفعات أولية كبيرة تصل غالبا إلى 30 في المائة أو أكثر من سعر الشراء. لكن نظرا إلى الطفرة الهائلة في أسعار المساكن في الصين في القرن الـ 21، من الممكن أن تصبح نسبة الـ 30 في المائة غير كافية عندما يحدث انهيار. "عقب الأزمة المالية لعام 2008، انخفضت أسعار المساكن في الولايات المتحدة بنسبة 36 في المائة، وزادت هذه النسبة بدرجة ملحوظة في بعض المناطق". أضف إلى ذلك أن توفير السكن بأسعار معقولة كان هدفا مهما لحكومة الرئيس شي جين بينج، لذلك ثمة حدود لما يمكن أن نتوقعه من صانعي السياسة فيما يتعلق بدعم الأسعار.
يعتقد كثير من المراقبين أن أزمة الإسكان المرتبطة بقضية إيفرجراند هي جزء من الضغط العام الذي تمارسه الحكومة على النخبة الصينية، الذي تضمن الإطاحة بعمالقة الإنترنت، وزيادة صعوبة حصول أبناء الأثرياء على دروس خصوصية، والإصرار على أن تقدم الشركات مزيدا من الدعم المادي لمجتمعاتها على سبيل رد الجميل. استنادا إلى هذا المنطق، بمقدور صانعي السياسة إعادة ضبط الأمور في أي لحظة إذا تبين أن جهودهم الرامية إلى السيطرة على ديون الإسكان، وعلى وجه الخصوص ديون إيفرجراند، مزعزعة للاستقرار بشكل كبير. ولكن كما تدرك الحكومة جيدا، فهذا ينطوي على مجازفة بأن يصبح عكس اتجاه طفرة العقارات والبناء أكثر صعوبة.
لا تحدث حالات التباطؤ في قطاع العقارات، حتى الأزمات المالية المتعلقة بالعقارات، من تلقاء ذاتها، بل تحدث في سياق تباطؤ اقتصادي. خرج الاقتصاد الصيني منتصرا من الجائحة، ولوهلة من الزمن كان موضع حسد العالم، ويرجع الفضل في ذلك جزئيا إلى استراتيجية "صفر كوفيد" التي تبنتها الحكومة. لكن المستقبل يبدو أقل تفاؤلا. إضافة إلى الرياح المعاكسة الناجمة عن شيخوخة السكان وتباطؤ نمو الإنتاجية، يتبين لنا يوما بعد يوم مدى صعوبة احتواء المتحور دلتا.
علاوة على ذلك، فإن المراسيم الحكومية الجديدة المتلاحقة، التي تصدر بصفة شبه يومية، جعلت من الصعب للغاية على القطاع الخاص التخطيط للمستقبل. ومن شأن حالة عدم التيقن من السياسات العامة الناتجة أن تحد من النمو حتى في غياب القضايا الأخرى. في مثل هذه البيئة، يمكن أن يؤدي تباطؤ سوق الإسكان إلى تضخيم أي انكماش اقتصادي بدرجة كبيرة، كما أوضحت في ورقة بحثية صدرت في 2020 بالتعاون مع يوان تشين يانج من جامعة تسينجهوا.
بعد مرور ما يقرب من أربعة عقود من التوسع الاقتصادي المذهل، لا ينبغي أن نقلل من قدرة السلطات الصينية على الحفاظ على النمو على الرغم من كل العقبات. ومع ذلك، وبقدر ما كانت الصين مثيرة للإعجاب في بناء الطرق والجسور والمنازل، تقترب طفرة بناء العقارات من نهايتها، وما من سبب يدفعنا لأن نتوقع هبوطا سلسا.
قد ينجح المنظمون الماليون الصينيون في عزل السوق الأوسع عن أزمة إيفرجراند، وإقناع جميع الأطراف بأن هذه مجرد حالة شاذة. لكن بالنظر إلى اعتماد الصين المفرط منذ عقود طويلة على قطاع العقارات لتحقيق النمو، ولا سيما خلال فترات التراجع الاقتصادي العام، ربما لا تزال التحديات الأكبر تنتظر البلاد.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي