الخليج العربي وصناعة السفن
لعب الخليج العربي دورا مهما ولا يزال في الاقتصاد العالمي، خاصة اقتصادات الدول المطلة عليه، وتاريخيا كان لهذا البحر شأن كبير قبل اكتشاف النفط في صيد اللؤلؤ والاتجار به واستقبال القوارب والسفن الشراعية القادمة من الهند ودول شرق آسيا للتجارة والسفر عبر ميناء العقير السعودي شرق الأحساء والبحرين والكويت والبصرة، فقد كان مصدر التموين الرئيس للتجار العرب في الخليج والعراق والشام مع تجار شرق آسيا وتحول فيما بعد إلى أهم مصدر للطاقة في العالم، حيث يصدر من خلاله النفط والغاز والمنتجات البتروكيميائية إضافة إلى كل أصناف التجارة الأخرى.
جيولوجيا يعد الخليج العربي حديث التكوين مقارنة بالعهود والعصور الجيولوجية السائدة، حيث كانت الجزيرة العربية حتى نحو 60 مليون عام. وكان التغير الجغرافي القديم ناتجا عن الالتواء البنائي الذي كان أساسا لتكون أخدود البحر الأحمر، والبحر الأحمر والخليج العربي يعدان ذراعان لبحر العرب والمحيط الهندي ويحتضنان الجزيرة العربية. وقد أدى ميلان الجزيرة العربية للشرق والتوائها للأسفل نتيجة للأنشطة البنائية على طول حزام الطي بجبال زاجروس الموجودة في إيران وجبال عمان إلى تكون منخفض الخليج العربي أو بتعبير أوضح انخفاض الطية الشرقية للجزيرة العربية ما سمح باجتياحات بحرية من المحيط الهندي، وأدى الهبوط المتباين المحلي لهذه الطية إلى تكون عدة أحواض ثانوية منها الربع الخالي الذي امتد إلى حدود البصرة في العراق حاليا. وانحراف هذه الطية لم يكن متساويا في الهبوط، بل إن طرفها الشرقي أكثر هبوطا من طرفها الغربي، وأدى الضغط السفلي لهذه الطية الرسوبية التكوين إلى الضغط على مصادرها المائية العذبة لتشكل ينابيع عذبة سفلية بقاع الخليج في مناطق متعددة التي نما وتكاثر عليها المحار وبالتالي ازدهرت بموجبه صناعة اللؤلؤ ومهنة الغوص. وربما يأتي اليوم الذي نبتكر فيه طرقا حديثة لاستخراج المياه العذبة من هذه المناطق سواء لأغراض الشرب للتقليل من أعباء التحلية الاقتصادية أو تطوير طرق وتقنيات زراعية على سطح البحر تسقى بهذه المصادر.
يمتد الخليج العربي من خليج عمان جنوبا حتى شط العرب شمالا بطول 965 كيلومترا وتبلغ مساحة الخليج العربي نحو 233,100 كيلومتر، ويراوح عرضه من حد أقصى نحو 370 كيلومترا إلى حد أدنى 55 كيلومترا في مضيق هرمز. والخليج العربي ضحل لا يتجاوز عمقه 90 مترا إلا في بعض الأماكن في الطرف الشرقي منه. يبلغ طول الساحل العربي على الخليج العربي 3,490 كيلومترا وهو أطول من الساحل الإيراني الذي يبلغ طوله 2,440 كيلومترا فقط، وهذا أحد الأسباب لتسميته بالعربي بدل الفارسي الموجودة في بعض المصادر الجغرافية.
يفصل الخليج العربي شبه الجزيرة العربية وجنوب غرب إيران، وتطل عليه ثماني دول هي العراق والكويت والسعودية وقطر والإمارات وعمان وإيران، كما تحيط مياه الخليج العربي بدولة البحرين.
والمنطقة تلعب دورا مهما على الصعيد العسكري، والاقتصادي، والسياسي، إذ إن عديدا من ناقلات النفط تعبر من خلاله عبر الموانئ النفطية الواقعة على سواحله، وذلك لأن أغلب الدول التي تطل على سواحله دول مصدرة للنفط والغاز، إضافة إلى ذلك، فإن مياهه تضم حقولا نفطية وغازية، وهو من أكثر الممرات المائية ازدحاما في العالم. ولذلك سيتم التركيز على الإمكانات المتاحة حاليا لصناعة السفن بالخليج ودورها في خدمة الملاحة البحرية.
إذا استبعدنا ورش إصلاح أو صناعة القوارب الخشبية الصغيرة والفايبرجلاس لأغراض الصيد والترفيه وحصر البحث عن الصناعات الثقيلة، فإنه توجد ثلاثة مرافق رئيسة في الخليج، حاليا أحدها حوض بناء السفن shipyard في دبي للأحواض الجافة لتلبية احتياجات إصلاح ناقلات النفط التي تعبر منطقة الخليج، ويعد إصلاح السفن العمل الأساسي للحوض، تشمل مجموعة خدماتها ناقلات النفط العملاقة ULCCs والناقلات بأوزان 250 ألف طن VLCCs وناقلات البضائع السائبة والحاويات وسفن الدحرجة وسفن الشحن وناقلات الغاز وناقلات المواد الكيميائية والسفن البحرية وأجهزة الحفر. شركة أبوظبي لبناء السفن، تأسست في 1996، من قبل «مجموعة أوفست الإمارات»، وهي مدرجة في السوق المالية الإمارتية ولديها عقود إنشاء وصيانة لـ2021 بقيمة 3.5 مليار درهم. شركة البحرين لتصليح السفن والهندسةBASREC، 01 تأسست في كانون الثاني (يناير) 1963، يمكن أن توفر 500 ألف طن من الوزن الساكن للحوض الجاف واثنين من الأحواض العائمة الكبيرة. تشمل محفظة الفناء أيضا خدمة المنصات البحرية. وهي أيضا مدرجة في السوق المالية.
وفي قطر تم إنشاء مرافق بناء السفن وإصلاحها في حوض "رحمة بن جابر الجلاهمة" لبناء وإصلاح السفن في مدينة رأس لفان الصناعية تتولى تشغيلها شركة ناقلات القطرية.
وفي السعودية يوجد حوض لبناء السفن لمجموعة الزامل باستثمارات تجاوزت المليارين ريال داخل ميناء الدمام وبدأ تشغيلها في 1999. تتكون من أربعة أحواض لبناء السفن وخطوط أعمال أخرى تشمل 14 رصيفا جافا / حامل الثابت ثلاثة أرصفة عائمة ورافعتي سفينة وست قاعات/ هياكل بناء السفن والورش والأنابيب والآلات.
تعمل شركة النفط السعودية العملاقة أرامكو السعودية مع الشركة الوطنية السعودية للنقل البحري "البحري" على تطوير مجمع بحري وبناء سفن بقيمة 5.2 مليار دولار في رأس الخير بالخليج العربي، بمجرد اكتماله سيكون المجمع الذي تبلغ مساحته 1.7 ميل مربع أكبر ساحة من نوعها في الخليج العربي وسيقدم مجموعة من الخدمات من بناء السفن الكبيرة وإصلاح السفن وتصنيع الحفارات البحرية وإصلاح سفن الدعم البحرية، وسيكون قادرا على العمل في أربع منصات بحرية وأكثر من 40 سفينة سنويا بما في ذلك ثلاث ناقلات نفط خام كبيرة جدا. ستمتلك أرامكو 50.1 في المائة، وتستثمر ما يصل إلى 351 مليون دولار، وستستثمر "البحري" ما يصل إلى 139 مليون دولار مقابل حصة تبلغ 19.9 في المائة، وتستثمر هيونداي ما يصل إلى 70 مليون دولار مقابل 10 في المائة. وافق صندوق التنمية الصناعية السعودي التابع للدولة على تقديم تسهيلات دين تبلغ قيمتها نحو مليار دولار.