تقنين عدد السكان مع الناتج المحلي الإجمالي

المعروف عند الاقتصاديين أن معدلات الزيادة في عدد السكان يجب أن تتواءم مع معدلات الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي، ولكن في الدول النامية، فإن معدلات الزيادة في عدد السكان دائما ما تزيد على معدلات الزيادة في الناتج المحلي الإجمالي.
إن القول بأن الزيادة في عدد السكان تضغط على الموارد وتؤثر سلبا في مستوى الخدمات التي تقدمها الحكومة إلى المجتمع، إنما يأتي هذا في ظل نظرية توماس مالتوس التي تقول ـ في المطلق ـ إن الزيادة في عدد السكان تضغط على الموارد وتلحق أضرارا بالغة بمعدلات التنمية، بل تقول إن الزيادة في عدد السكان عامل من عوامل زيادة معدلات الفقر. ولكن في مواجهة هذه النظرية أثبت العلماء أن نظرية مالتوس لم تعد نظرية صحيحة، حيث إن انتشار التكنولوجيا وزيادة المهارات أديا وسيؤديان بالضرورة إلى زيادة معدلات التنمية وانخفاض معدلات التخلف.
وتأسيسا على ذلك فإن الآثار الديموغرافية تمثل حلقة رئيسة في كثير من تحليلات الاقتصاد الكلي التي تهدف إلى تخفيض الفقر وتحقيق مزيد من النمو، بمعنى أن وجود نسبة مرتفعة من الأفراد في سن العمل يعني أن هناك عددا أكثر من العمال لكل معال، أو بمعنى آخر إن التغير الديموغرافي على هيكل أعمار السكان يغير نسبة العاملين إلى المعالين، وسيترتب على ذلك زيادة في الإنتاج بالنسبة إلى الاستهلاك، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. لذلك فإن زيادة معدلات السكان تتناسب مع معدلات الناتج الوطني ويحدث التوازن بين الزيادة السنوية في معدلات السكان مع الزيادة السنوية في الناتج المحلى الإجمالي، حيث إذا وصلت الزيادة في معدلات السكان إلى حد الإضرار بالاقتصاد، فإن تعديل السياسات السكانية شيء مطلوب.
ولكن الأهم أن الزيادة في معدلات عدد السكان يجب ألا تكون في المطلق، وإنما مع ضرورة جودة نظم التدريب والتعليم وبناء مؤسسات التدريب والتعليم ومراكز الأبحاث القادرة على تخريج وتأهيل مزيد من المواهب والعبقريات التي تتمتع بكثير من المهارات وتتمتع بكاريزما الابتكار وتتمتع بخصائص القيادات التنفيذية الماهرة المتطلعة إلى تطبيق منهج مالي وإداري يستطيع أن يبتكر ويرتفع بمعدلات الأداء.
ونعرف جميعا أن ثروات الأمم إما ثروات طبيعية وإما ثروات بشرية. وإذا كان الله سبحانه وتعالى قد حبانا بثروة طبيعية، وهي البترول الذي وضعنا جنبا إلى جنب مع أغنى دول العالم، فإن الموارد البشرية مع الثروة الطبيعية، ستصدرنا في الصفوف الأولى بجوار الدول التي حققت أعلى مستويات التقدم كفنلندا وسنغافورة والسويد والنرويج وكوريا الجنوبية والصين.
إن العلاقة بين معدلي الناتج القومي والزيادة في عدد السكان هي التي يجب أن تحكمنا، وإذا كنا قد حققنا في عام 2007 معدل 7 في المائة في الناتج القومي المحلي. ومن المفيد أكثر أن نربط الزيادة في معدلات السكان بالمساحة الجغرافية، فإن عدد السكان يعد قليلا جدا.. إلى مساحة المملكة، لأنها قارة ومساحتها شـاسـعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي